«أردوغان يلاحق خصومه» مشهد الرأي العام التركي حاليًا خاصة في تطوّر جديد ضمن سلسلة التحقيقات المثيرة للجدل بشأن مزاعم الفساد في بلدية إسطنبول، نفّذت الشرطة التركية موجة اعتقالات تاسعة منذ انطلاق التحقيقات في 19 مارس الماضي، والتي بدأت باعتقال رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان السياسيين.
الموجة الأخيرة من الاعتقالات طالت 44 شخصًا، من بينهم رئيس بلدية بي أوغلو، إنان غوناي، المنتمي لحزب “الشعب الجمهوري”، إضافة إلى عدد من الموظفين البارزين، بينهم مستشار رئيس بلدية إسطنبول منذ عام 2019، وسائقه الخاص، وسكرتير رئيس بلدية بي أوغلو، إلى جانب موظفين في شركات تابعة للبلدية.


“الشعب الجمهوري” يتحدّى: لن تنجحوا!
السلطات وجهت اتهامات متنوعة تتعلق بالفساد، رغم أن المعتقلين وحزب “الشعب الجمهوري” – أكبر أحزاب المعارضة التركية – ينفون صحة هذه الادعاءات، ويعتبرونها حملة ممنهجة تستهدف تقويض إنجازات الحزب الذي حقق فوزًا كبيرًا في الانتخابات المحلية الأخيرة مارس 2024، متفوقًا على حزب “العدالة والتنمية” للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين.
يقول مراقبون إن هذه الحملات القضائية المتتالية ضد “الشعب الجمهوري” تهدف إلى إضعاف الحزب الذي أظهر صعودًا غير مسبوق في الانتخابات المحلية، حيث فاز بـ75% من البلديات، وتصدّر نتائج استطلاعات الرأي، ما جعله يشكل تهديدًا جدّيًا لحكم إردوغان قبل انتخابات 2028.

في رسالة مؤثرة نشرها قبل اعتقاله، كتب إنان غوناي، رئيس بلدية بي أوغلو، عبر منصة “إكس”، أنه التقط صورة مع عائلته قبل أن تقتاده الشرطة، مشيرًا إلى أن الاتهامات الموجهة إليه “محض افتراء”، وأضاف: “لم نقم بأي فعل يُحاسب عليه القانون، وسنواصل العمل بشرف كما فعلنا دائمًا”. وأكد أن انتخابه رئيسًا لبلدية بي أوغلو كان أعظم شرف في حياته، وأنه خدم أهالي منطقته بإخلاص، وفقًا لجميع مؤشرات رضا المواطنين.
المعارضة تتهم أردوغان بتصفية الحسابات
من جانبه، هاجم زعيم المعارضة وزعيم حزب “الشعب الجمهوري” أوزغور أوزيل، الحكومة بقوة، مؤكدًا أن هذه الاعتقالات لن تُضعف الحزب، وقال عبر “إكس”: “حتى لو نفذتم 99 موجة اعتقال، لن تنجحوا”.
وأضاف أن السلطات فشلت في إعداد لائحة اتهام واحدة على مدار 149 يومًا منذ بدء الحملة، وتعتمد فقط على اتهامات دون أدلة، ووصفها بـ”الشهادات الملفقة والإشاعات”. واعتبر أن ما يحدث هو محاولة لترهيب المعتقلين والضغط عليهم من خلال عائلاتهم، بغرض انتزاع اعترافات مزيفة.

أوزيل اتهم ما وصفها بـ”العصابة القضائية” و”العدالة والتنمية” بتقويض القانون وتحويله إلى أداة سياسية، وقال: “هذه ليست حملة قانونية، بل انتقام سياسي لتصفية الحسابات مع من يطالبون بالحرية والديمقراطية والوحدة”.
القلق يتصاعد… والحراك الشعبي مستمر
وتأتي هذه التطورات وسط قلق متزايد من تسييس القضاء في تركيا، واستغلاله كأداة لتصفية الخصوم السياسيين، خاصة بعد المظاهرات الواسعة التي اندلعت عقب اعتقال إمام أوغلو، والتي وُصفت بأنها الأوسع منذ احتجاجات “غيزي بارك” في 2013.
ومع استمرار الضغط على المعارضة وتصاعد التوتر السياسي، تبدو تركيا مقبلة على مرحلة حافلة بالتحديات، سواء على المستوى الداخلي أو في ما يتعلق بمستقبل النظام الديمقراطي والحريات العامة.