بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي قادتها واشنطن لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، جاءت قمة ألاسكا بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لتُعيد ترتيب أوراق الحرب، وتفتح الباب أمام تحوّل في الاستراتيجية الأمريكية.
قمة ألاسكا
فبدلًا من التمسك بمطلب وقف فوري لإطلاق النار، اختار ترامب الانضمام إلى موقف بوتين، مفضلًا التركيز على “تسوية طويلة الأمد”، ما اعتبره مراقبون تراجعًا عن أحد أبرز ثوابت واشنطن في هذا الملف.

زيلينسكي في مرمى التصريحات
وفي منشور مثير نشره ترامب على وسائل التواصل مساء الأحد، بدا وكأنه يُحمّل المسؤولية مباشرة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حين قال إن الأخير “يمكنه إنهاء الحرب على الفور تقريبًا، إن أراد ذلك”. هذه التصريحات فُسّرت على أنها ضغط واضح على كييف، مع محاولة لتمهيد الرأي العام الأميركي لصفقة محتملة.
شروط بوتين: دونباس والقرم
من جهته، يتمسك بوتين بمطالبه المعروفة: اعتراف أوكرانيا بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، والتخلي الكامل عن منطقة دونباس شرقي البلاد، التي ما تزال ساحة قتال محتدمة.
كما طرح بوتين فكرة تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، شبيهة بتعهد الدفاع المشترك في حلف الناتو، في حال توقيع اتفاق سلام، وهو ما وصفه أحد كبار المبعوثين الأمريكيين بـ”تغيير قواعد اللعبة”، رغم غياب التفاصيل حول آليات تنفيذ تلك الضمانات.

كييف ترفض التنازل
لكن الرئيس الأوكراني يرفض أي اتفاق يتضمّن التخلي عن أراضٍ أوكرانية، وهو ما يدعمه الدستور الذي يُحرّم صراحة التنازل أو التفاوض بشأن الأراضي. ورغم هذا الموقف الحازم، فإن هناك مؤشرات على أن غالبية الأوكرانيين قد يقبلون بفكرة “تجميد النزاع” عند خطوط التماس الحالية، والتي تمتد لما يقرب من ألف كيلومتر من الشمال الشرقي إلى الجنوب الشرقي.
أوروبا في قلب المعركة الدبلوماسية
ومع دخول الأزمة مرحلة حرجة، تتجه الأنظار إلى واشنطن، حيث يُشارك عدد كبير من القادة الأوروبيين في محادثات حساسة تتعلق بمستقبل الحرب والسلام في أوكرانيا. من بين الحاضرين: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، المستشار الألماني فريدريش ميرز، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب الأمين العام الجديد لحلف الناتو، مارك روته.
هؤلاء القادة يرون أن أوكرانيا ليست مجرد ساحة حرب، بل “جدار الصد الأول” أمام التمدد الروسي. وكما قال ماكرون: “إذا كنا ضعفاء أمام روسيا اليوم، فنحن نُمهّد لصراعات أكبر غدًا، قد تطالنا جميعًا”.

تسوية أم تهدئة؟
في ظل الانقسامات الدولية، وتباين المواقف بين كييف وواشنطن وموسكو، تبقى التسوية الشاملة بعيدة المنال، رغم جهود اللحظة الأخيرة، هل يمكن لزيلينسكي القبول باتفاق قد يراه البعض تنازلاً؟ وهل ستنجح إدارة ترامب في إعادة رسم مسار الحرب دون إشعالها من جديد؟.