كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية تفاصيل قمة بودابست المحتملة، حيث قالت إن البيت الأبيض يعمل على التحضير لاجتماع ثلاثي محتمل في العاصمة المجرية بودابست، يجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي أن جهاز الخدمة السرية بدأ الترتيبات الأمنية لـ قمة بودابست، فيما تبدو العاصمة المجرية الخيار الأول لانعقاد القمة، إذا ما تم التوافق عليها.

قمة بودابست.. لقاء تاريخي بين بوتين وزيلينسكي بعد سنوات
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لم يلتق الرئيسان الروسي والأوكراني وجهاً لوجه، حيث يعود آخر لقاء بينهما إلى عام 2019 في باريس، عندما ناقشا سبل إنهاء النزاع في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
وإذا تحقق اللقاء الجديد في قمة بودابست، فسيكون الثاني بين بوتين وزيلينسكي، والأول منذ اندلاع الصراع المفتوح قبل ثلاث سنوات ونصف.
ترامب يطرح مبادرة سلام جديدة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن مطلع الأسبوع الجاري أنه بدأ ترتيب لقاء ثنائي بين بوتين وزيلينسكي، على أن يتبعه اجتماع ثلاثي تشارك فيه الولايات المتحدة. وأكد أن الهدف من هذه الخطوة هو دفع الطرفين نحو اتفاق ينهي الحرب المستمرة.
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، أوضح ترامب أن بوتين قد يكون متردداً في التوصل لاتفاق سلام، معتبراً أن ذلك سيشكل “وضعاً صعباً” للكرملين، لكنه أبدى تفاؤله بأن “الأسابيع المقبلة ستكشف عن مسار الأمور”.
الضمانات الأمنية تثير الغموض
رغم تعهّد ترامب بتقديم “ضمانات أمنية” لكييف ضمن أي تسوية محتملة، لم يوضح البيت الأبيض طبيعة هذه الضمانات أو آليات تنفيذها.
ووفق محللين، فإن الغموض ما زال يحيط بدور واشنطن المستقبلي، خاصة مع استبعاد ترامب المتكرر لإرسال قوات أمريكية إلى الأراضي الأوكرانية.
زيلينسكي يرحّب بالخطوة
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصف مشاوراته الأخيرة في البيت الأبيض بأنها “خطوة كبيرة إلى الأمام”، مؤكداً استعداده للقاء بوتين من أجل إنهاء الحرب الدامية التي تشهدها بلاده.
وأشار زيلينسكي إلى أن القمة الثلاثية مع ترامب وبوتين قد تمثل منعطفاً في مسار النزاع المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات.
القتال يتواصل رغم الجهود الدبلوماسية
في المقابل، لم تهدأ وتيرة العمليات العسكرية. فقد أعلن سلاح الجو الأوكراني أن روسيا شنت خلال ليلة واحدة أكبر هجوم هذا الشهر، مستخدمة 270 طائرة مسيّرة و10 صواريخ، استهدفت خصوصاً منشآت للطاقة في منطقة بولتافا وسط البلاد، مما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة في مصفاة النفط الوحيدة في أوكرانيا.
كما تبادلت موسكو وكييف جثث جنود قُتلوا في المعارك، حيث أعادت روسيا جثث ألف جندي أوكراني مقابل تسلّمها جثث 19 جندياً روسياً، وفق ما نقلته وكالات أنباء.
مواقف متباينة في الغرب
من جانبه، قال جون فورمان، الملحق الدفاعي البريطاني السابق في كييف وموسكو، إن القمة الأخيرة في واشنطن “بعثت برسالة إيجابية”، خصوصاً أن ترامب لم يطالب أوكرانيا بالاستسلام ولم يلوّح بقطع الدعم عنها. لكنه أشار إلى أن “الغموض لا يزال يكتنف الضمانات الأمنية الأمريكية”.
في الوقت نفسه، واصل “تحالف الراغبين” المكوّن من حلفاء أوكرانيا مناقشاته حول فرض عقوبات إضافية على روسيا وزيادة الضغط عليها، مع الاتفاق على عقد اجتماعات بين فرق التخطيط الأمريكية والأوروبية خلال الأيام المقبلة.
اقرأ أيضًا:
القرم.. البؤرة الاستراتيجية التي تحدد معادلة الحرب والسلام بين روسيا وأوكرانيا
الموقف الروسي
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن موسكو “لا ترفض أي صيغ لمناقشة السلام”، لكنه شدّد على أن أي لقاء بين بوتين وزيلينسكي “يجب أن يتم التحضير له بدقة عالية”.

أما بوتين، فأعاد التأكيد على رفضه التام لوجود قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، متمسكاً بمطلب تبادل الأراضي كجزء من أي اتفاق سلام محتمل.
قمة بودابست المرتقبة إن عُقدت، ستكون اختباراً حقيقياً لإرادة الأطراف الثلاثة في إنهاء الحرب الأوكرانية التي تعد الأعنف في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وبينما يعلّق العالم آماله على المسار الدبلوماسي، يبقى الغموض مسيطراً على مواقف موسكو وواشنطن، في وقت تتواصل فيه الهجمات على الأرض بلا هوادة.