أظهرت دراسة حديثة أجراها فريق من جامعة يورك وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي أن السجائر الإلكترونية، التي تُسوَّق على أنها بديل أقل ضرراً من التدخين التقليدي، تحمل في طياتها خطراً كبيراً على فئة المراهقين والشباب.
ووفق النتائج، فإن من يستخدمون هذه الأجهزة يكونون أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للانتقال لاحقاً إلى التدخين التقليدي، فضلاً عن زيادة احتمالات إصابتهم بمشاكل جسدية ونفسية عميقة مثل الربو والاكتئاب والأفكار الانتحارية.
الدراسة استندت إلى مراجعة 56 تحليلاً شاملاً تضم 384 دراسة أصلية، وهو ما يمنحها ثقلاً علمياً غير مسبوق في هذا المجال.
تداعيات صحية ونفسية مدمرة
لم تقتصر النتائج على مسألة الانتقال إلى التدخين التقليدي فحسب، بل رصدت ارتباطات متكررة بين استخدام السجائر الإلكترونية وارتفاع مخاطر الإصابة بالربو والتهابات الجهاز التنفسي مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية، إضافة إلى أعراض جانبية تشمل الصداع والدوار والصداع النصفي.
كما وجدت الدراسة دليلاً على انخفاض معدل الخصوبة لدى الذكور بسبب تراجع أعداد الحيوانات المنوية، وهو ما يفتح الباب لمخاوف مستقبلية على الصحة الإنجابية.
أما الجانب النفسي، فقد تبيّن أن هذه الأجهزة ترتبط بزيادة معدلات الاكتئاب، ونوبات القلق، وحتى التفكير في الانتحار، إلى جانب ارتفاع احتمالات تعاطي الكحول والمخدرات بين أوساط الشباب الذين يستخدمونها.
تحذيرات الخبراء ودعوات للتشديد على القوانين
الباحثون الذين قادوا الدراسة لم يترددوا في وصف النتائج بالمقلقة. الدكتورة سو غولدر من جامعة يورك أكدت أن “اتساق الأدلة مدهش”، معتبرة أن السجائر الإلكترونية باتت بوابة مفتوحة أمام التدخين التقليدي.
بينما شدد الدكتور غريغ هارتويل من كلية لندن على أن تسويق هذه المنتجات للمراهقين أمر “غير مقبول على الإطلاق”، داعياً إلى فرض قيود أكثر صرامة على الشركات المصنعة.
أما الدكتورة ريبيكا غلوفر، الباحثة الرئيسية، فأشارت إلى أن هذه الأجهزة “تسبب أضراراً واسعة النطاق لصحة الشباب حول العالم” وتعد مدخلاً لتعاطي مواد أخرى، مؤكدة أن الدراسة تقدم “أقوى دليل حتى الآن” على خطورة هذه الظاهرة الصحية المتنامية.
موقف الصناعة ودفاع الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية
في المقابل، تحاول الشركات المنتجة الدفاع عن منتجاتها بالقول إنها موجّهة حصراً إلى المدخنين البالغين كوسيلة تساعدهم على الإقلاع عن التدخين التقليدي.
حيث أوضح جيمي ستراشان، مدير العمليات في شركة “VPZ”، أن الشركة “تؤيد تماماً منع بيع هذه المنتجات للمراهقين”، مؤكداً ضرورة التزام بالقوانين التي تحظر وصولها إلى من هم دون 18 عاماً.
بينما اعتبر الدكتور جيمس مورفي من شركة التبغ البريطانية الأمريكية أن السجائر الإلكترونية ساعدت بالفعل “ملايين المدخنين على الإقلاع”، مشدداً على أنها تمثل خطراً أقل بكثير مقارنة بالتبغ القابل للاحتراق، مع الإقرار بضرورة التشريعات التي تحمي القاصرين من الحصول عليها.
اقرأ ايضًا…ماذا يحدث لجسمك بعد أسبوعين من الامتناع عن السكر؟.. طبيب متخصص يكشف مفاجآت