“خريف الغضب” يضرب بريطانيا حيث تشهد موجة غير مسبوقة من الإضرابات خاصة مع تصاعد الضغوط على حكومة حزب العمال والشركات الكبرى للاستجابة لمطالب العمال المتعلقة بزيادة الأجور وتحسين بيئة العمل. وتُحذر التقارير من تداعيات اقتصادية خطيرة، قد تصل خسائرها إلى نحو ربع مليار جنيه إسترليني، مما يُنذر بما وصفته صحيفة التليجراف بـ”خريف الغضب” الذي قد يعصف بالخدمات الحيوية في البلاد.

“خريف الغضب” يضرب بريطانيا
اتحاد السكك الحديدية والبحرية أعلن عن إضرابات مرتقبة في شركة “كروس كانتري” يومي السبت والإثنين خلال عطلة البنوك الرسمية في أواخر أغسطس، مما سيؤدي إلى اضطراب كبير في حركة القطارات، خاصة في أوقات الذروة.
بريطانيا وأسبوع من الإضرابات
ابتداءً من 5 سبتمبر، سيخوض موظفو مترو أنفاق لندن، باستثناء سائقي القطارات، إضرابًا يستمر أسبوعًا كاملاً، في توقيت يتزامن مع عودة المدارس وارتفاع عدد الركاب. ويشمل الإضراب فئات حيوية مثل المهندسين ومراقبي الخدمة وعمّال الإشارات، مما يُتوقع أن يُصيب عددًا من الخطوط بشلل شبه تام.
النقابة العمالية رفضت عرضًا حكوميًا بزيادة الرواتب بنسبة 3.4%، معتبرة إياه غير متوافق مع نسب التضخم المرتفعة، وطالبت بخفض ساعات العمل الأسبوعية إلى 34.5 ساعة، بالإضافة إلى مكافآت خاصة للعمل خلال المناسبات مثل Boxing Day.

إضرابات مرشحة للتوسع في الشتاء
يتوقع مراقبون أن تمتد الاحتجاجات خلال فصل الشتاء لتشمل القطاع الصحي، حيث تُهدد نقابات الأطباء والممرضين بالدخول في إضرابات، احتجاجًا على ضعف الرواتب ونقص التمويل، بالتزامن مع ازدحام الخدمات الصحية في هذه الفترة الحساسة.
وفي برمنغهام، يواصل عمال جمع القمامة إضرابهم المستمر منذ أسابيع، مع احتمالات باستمراره حتى فترة أعياد الميلاد، احتجاجًا على تخفيضات الأجور التي طالتهم.
صناعة الطيران تنضم للاحتجاجات
في تطور آخر، أعلن آلاف من موظفي شركة إيرباص – من الفنيين ومهندسي الطيران – عن تنفيذ إضراب يمتد لعشرة أيام الشهر المقبل، بعد تصويت 90% من أعضاء النقابة لصالح الخطوة، للمطالبة بزيادة الأجور. ورغم ذلك، أكدت الشركة أن عمليات تسليم الطائرات لن تتأثر في الوقت الحالي.

الحكومة في موقف حرج
رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي سعى لكسب دعم النقابات من خلال زيادة رواتب موظفي القطاع العام بقيمة 10 مليارات جنيه، يواجه الآن أزمة متفاقمة، مع استمرار الإضرابات وتصاعد وتيرتها. وتشير الإحصاءات إلى فقدان أكثر من 280 ألف يوم عمل في النصف الأول من العام الحالي نتيجة الإضرابات، ما يضع حكومته تحت ضغط هائل قبيل تنفيذ خطط اقتصادية كبرى في سبتمبر.
وزيرة المالية، راشيل ريفز، تجد نفسها أمام معضلة مالية مع عجز يُقدر بـ 50 مليار جنيه إسترليني، ما يُصعّب الاستجابة الفورية لكافة المطالب العمالية.
من جانبه، أكد وزير الصحة ويس ستريتنج أن الحكومة مجبرة على التوفيق بين المطالب المشروعة للعمال والقدرة المالية للدولة، داعيًا إلى الشفافية ومصارحة الشعب بأن الحلول ستكون تدريجية وليست فورية.
خسائر اقتصادية فادحة
بحسب خبير الاقتصاد مارتن بيك من شركة WPI Strategy، قد تصل الخسائر اليومية الناتجة عن الإضرابات إلى نحو 90 مليون جنيه إسترليني، نتيجة انخفاض الإنتاجية وزيادة الازدحام وتكاليف النقل، مما يُنذر بأثر تراكمي يصل إلى ربع مليار جنيه إسترليني.
انقسام في المواقف
وفي حين تُصر النقابات على أن الإضرابات ضرورة لوقف تدهور ظروف العمل، قال الأمين العام لنقابة سائقي المترو، إيدي ديمبسي، إن القضية “ليست فقط حول المال، بل تتعلق بالإرهاق والمعاملة غير العادلة التي استمرت سنوات دون حل”.
على الجانب الآخر، دان عمدة لندن، صادق خان، هذه الإضرابات، مطالبًا بعودة جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات لتفادي مزيد من الأضرار التي تمس حياة المواطنين في العاصمة.