وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية بشأن الملف النووي الإيراني، وعودة الحديث عن جولة مفاوضات مرتقبة مع واشنطن، تكثف طهران تحركاتها الدبلوماسية والعسكرية على جبهتين: الأولى عبر تنسيق ثلاثي مع الصين وروسيا داخل إطار منظمة شنغهاي، والثانية من خلال رسائل تحذيرية شديدة اللهجة تطلقها المؤسسة العسكرية الإيرانية ضد أي تهديد خارجي محتمل.
ملف النووي يقترب من الانفجار
بحث نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية، كاظم غريب آبادي، مع نظيره الصيني، آخر تطورات الملف النووي الإيراني، قبيل أيام من انعقاد قمة قادة منظمة شنغهاي للتعاون، في خطوة تعكس تنسيقاً متزايداً بين طهران وبكين في مواجهة الضغوط الغربية.

وفي اتصال هاتفي جرى الأحد، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيرنا” عن آبادي تأكيده أن المحادثات تناولت “التحضيرات للقمة المرتقبة لقادة منظمة شنغهاي، بالإضافة إلى التطورات المتعلقة بالمفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، وقرار مجلس الأمن رقم 2231”.
وأوضح آبادي أن المباحثات شملت أيضاً صياغة مواقف مشتركة بين إيران والصين وروسيا بشأن القرار الأممي، الذي يُعد الإطار القانوني للاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي انسحبت منه واشنطن عام 2018 في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وشدد المسؤول الإيراني على تمسك بلاده بحقها في تخصيب اليورانيوم، قائلاً: “لن نتراجع عن هذا الحق المشروع، ولن نقبل بأي ضغوط تهدف إلى وقف أنشطتنا النووية السلمية”، في إشارة واضحة إلى التصعيد الدبلوماسي الأخير بين طهران والدول الغربية بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني.

الجيش الإيراني يحذر من رد قاسٍ على أي هجوم محتمل
وفيما تكثف إيران اتصالاتها الإقليمية والدولية استعدادًا لجولة تفاوض محتملة مع الولايات المتحدة، جاءت تصريحات آبادي لتؤكد أن طهران تسعى لتعزيز تحالفاتها مع بكين وموسكو لمواجهة أي تحرك غربي محتمل في مجلس الأمن الدولي، لا سيما في ظل التوتر القائم حول برنامجها النووي.
وفي السياق ذاته، وجه القائد العام للجيش الإيراني، اللواء أمير حاتمي، تحذيراً حاد اللهجة لأي طرف يفكر في مهاجمة بلاده، مؤكدًا أن القوات المسلحة الإيرانية في أعلى درجات الجاهزية للرد الفوري.
وقال حاتمي، في تصريحات نقلتها وكالة “إيرنا”، إن “الجيش الإيراني سيواجه أي اعتداء بقوة وعزيمة لا هوادة فيها، تمامًا كما فعل في محطات سابقة”، مضيفًا: “على العدو أن يعلم أن أبناء الجيش جاهزون لمعاقبة أي معتدٍ برد أشد قسوة”.
تحذيرات إيرانية: زمن الصمت انتهى
وأشار القائد العسكري إلى أهمية الاستفادة من تجارب الحروب السابقة، وتحديدًا ما وصفها بـ”حرب الاثني عشر يومًا”، التي لم يحدد تفاصيلها، لكنها تشير ضمنيًا إلى تجربة إيرانية سابقة في الصراعات المسلحة.
ودعا حاتمي إلى ضرورة بقاء المؤسسة العسكرية على اطلاع دائم بالتحولات والتهديدات، مشددًا على أن “تعزيز القدرات الدفاعية والاستعداد للمستقبل هي مهمة استراتيجية لا مجال للتهاون فيها”، مطالبًا بالحفاظ على الروح المعنوية داخل الجيش، والعمل بشكل متواصل على رفع كفاءة الأداء القتالي والجاهزية.

وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس، مع تصاعد التوترات في الخليج والشرق الأوسط، واستمرار العقوبات الغربية على طهران، إلى جانب الحديث عن إمكان استئناف مفاوضات نووية جديدة برعاية دولية، وسط انقسام دولي حاد حول شروط عودة إيران للاتفاق النووي.
وتراهن طهران على حشد دعم استراتيجي من شركائها في منظمة شنغهاي، وتوظيف الأزمة الراهنة لصالحها عبر الدفع باتجاه رفع العقوبات، وتثبيت أحقية أنشطتها النووية، في مقابل رفضها لأي شروط أمريكية أو أوروبية إضافية.