في رسالة تطمينية جرى تسريبها إلى أعضاء الائتلاف الحاكم، طمأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حلفاءه الدينيين واليمين المتشدد بأنه لن يستخدم انضمام وزير الدفاع السابق بيني جانتس كذريعة لتفكيك التحالف الراهن لصالح تشكيل حكومة وحدة موسعة.
وذكرت القناة الحكومية “كان” أن نتنياهو عبّر في حديث هاتفي مع شركائه في الـ 24 ساعة الماضية عن رفضه القاطع لإنهاء الائتلاف من أجل جانتس، وجاء هذا التطور يأتي في ظل توترات حادة داخل أحزاب الائتلاف، حيث تتزايد المخاوف من أن يقدم جانتس، في محاولة لتثبيت وقف للحرب في غزة، “شبكة أمان” يمكن أن تستخدم لتضييع رموز الحكومة الحالية وتوسيع التحالف لصالح حزبه “أزرق وأبيض”.
ورغم هذه العروض، لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من نتنياهو. لكن مصادر داخل “أزرق وأبيض” تشير إلى أن أوساطًا في الليكود أبدت استعدادًا لدراسة الفكرة فعليًا، رغم غياب أي خطوات رسمية نحو ذلك.

إلى ذلك، خرج وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، اليوم ببيان شديد اللهجة، يحث فيه قادة الائتلاف على الوقوف ضد أي توجه لاستدعاء جانتس إلى السلطة مجددًا. قال: “كنا نحقق مكاسب كبيرة دون جانتس، سواء في مواجهة إيران أو حزب الله… وإذا ما أردنا النجاح في غزة، فالسيناريو ده لازم ما يحصلش”.
نتنياهو يطمئن المُتشددين: جانتس خارج حكومتي
تصريحات بن غفير تمثل مؤشرًا واضحًا على تصاعد الضغوط الداخلية لمنع إضعاف المشروع الوطني القائم على الخطاب اليميني المتشدد، كما يعكس غضبًا من احتمال تحويل الحرب إلى ساحة تفاوض سياسي داخلي.

في غضون ذلك، اقترح جانتس تشكيل حكومة انتقالية قصيرة الأمد تستهدف بالأساس التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، على أن تُجرى بعدها انتخابات في الربيع المقبل؛ إلا أن هذه المبادرة لاقت تجاوزًا من لدن حلفاء نتنياهو، الذين يرون فيها محاولة لـ “التقاط السلطة” بدلاً من إعادة استقرار الائتلاف أمام العاصفة السياسية المقبلة.
أمام هذه الخلفية، تتواتر تساؤلات حول مدى قوة نتنياهو على الصمود في مواجهة الضغوط المتزايدة من شريانه المتشدد، مقابل رغبة جانتس في إعادة رسم موازين القوة. فمن جهة، يسعى نتنياهو لتثبيت تحالفه الحالي رغم بريق “شبكة الأمان” الاستراتيجية، ومن جهة أخرى، يسعى جانتس لاستثمار الأزمة الإنسانية الحالية (رهائن غزة) للعودة إلى موقع سياسي مؤثر.

ما بين التطمينات وضغوط اليمين، تخيم على المشهد السياسي الإسرائيلي حالة من الترقب الحذر، ومع اقتراب ساعة اتخاذ القرار، تبدو حكومة نتنياهو أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وسط تساؤلات عن قدرة الثبات والتوازن في وجه الاهتزاز الداخلي والضغوط الاجتماعية والعسكرية المتقاطعة.