في تصريحات حملت رسائل داخلية وخارجية، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أنه لا ينتمي إلى تيارات الإسلام السياسي ولا إلى موجات ما يُعرف بـ«الربيع العربي».
وخلال لقاء جمعه بوفد إعلامي عربي في دمشق، قال الشرع: «لسنا امتداداً للأحزاب الإسلامية، سواء الجهادية أو الإخوان المسلمين»، مشدداً على أن مشروعه السياسي مختلف جذرياً عن مسارات تلك الحركات.

دعوة لحل تنظيم الإخوان في سوريا
من جانبه، دعا أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، جماعة الإخوان المسلمين إلى حلّ نفسها أسوة ببقية الفصائل العسكرية والسياسية.
وأضاف أن بقاء التنظيم بشكل تقليدي هو بمثابة «سياسة ديناصورية محكومة بالاندثار»، مشيراً إلى أن الجماعات التي أعادت هيكلة نفسها تحت مسميات جديدة كانت أكثر قدرة على التكيّف مع الظروف الإقليمية والدولية.
خريطة طريق سياسية وأمنية
تصريحات الشرع لم تقتصر على نفي الصلة بتيارات الإسلام السياسي، بل قدّم من خلالها ما يشبه خريطة طريق لسوريا الجديدة، متطرّقاً إلى ثلاثة ملفات أساسية: التفاوض الأمني مع إسرائيل، العلاقات مع لبنان، والانفتاح الاقتصادي.
مفاوضات أمنية مع إسرائيل
كشف الرئيس السوري أن دمشق بدأت حواراً أمنياً مع إسرائيل استناداً إلى خط وقف إطلاق النار لعام 1974 في هضبة الجولان.
ووفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عقد وزير الخارجية أسعد الشيباني لقاءً في باريس مع وفد إسرائيلي، في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ عقود.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن بنود التسوية الأمنية المحتملة بين سوريا وإسرائيل تشمل:
تجريد الجولان من السلاح وصولاً إلى السويداء.
حظر نشر الأسلحة الاستراتيجية بما فيها الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي.
إنشاء ممر إنساني للدروز في محافظة السويداء.
التزام سوري بعدم إعادة بناء الجيش اعتماداً على تركيا.
في المقابل، ستحصل دمشق على مساعدات مالية لإعادة الإعمار من الولايات المتحدة ودول إقليمية، في إطار مساعٍ لإبعاد سوريا عن المحور الإيراني.
صفحة جديدة مع لبنان
في الملف اللبناني، اتسم خطاب الشرع بقدر كبير من المكاشفة، حيث أكد أن دمشق «تنازلت عن الجراح التي سببها حزب الله» خلال الحرب السورية، داعياً إلى كتابة تاريخ جديد للعلاقات السورية – اللبنانية يقوم على التعاون بين الدولتين بعيداً عن هيمنة السلاح والنزاعات السابقة.
اقرأ أيضًا:
حزب الله كلمة السر.. شروط نتنياهو للانسحاب من جنوب لبنان
انفتاح اقتصادي وشراكات إقليمية ودولية
أما في الجانب الاقتصادي، فقد شدد الرئيس السوري على أن بلاده تتجه نحو شراكات استراتيجية مع العراق ودول عربية وغربية، في محاولة لكسر طوق العزلة المفروض على دمشق منذ أكثر من عقد.
وأشار الشرع إلى توقيع اتفاقيات استثمارية تتجاوز قيمتها 28 مليار دولار، تشمل مشاريع في مطار دمشق الدولي، قطاع النقل، العقارات، الطاقة، والموانئ. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود إعادة الإعمار بعد سنوات الحرب الطويلة التي دمرت البنية التحتية السورية.
سوريا الشرع بين العقوبات والطموحات
رغم هذه الانفتاحات، لا يزال الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع خاضعاً لعقوبات دولية فرضتها الأمم المتحدة بسبب ارتباطه السابق بالتنظيمات المتطرفة، وهو ما يفرض عليه الحصول على استثناءات خاصة للسفر إلى الخارج.
لكن الشرع يبدو عازماً على إعادة صياغة الدور السوري في المنطقة والعالم عبر مسارات جديدة، تجمع بين التسوية الأمنية، المصالحة الإقليمية، والانفتاح الاقتصادي.