أعلنت وزارة التعليم الروسية أن فريقًا من العلماء والباحثين في معهد النظم الطبية الحيوية بجامعة البوليتيكنيك في مدينة بطرسبورغ توصل إلى طريقة علاجية مبتكرة لمرض ألزهايمر، أحد أخطر الأمراض العصبية التي تصيب الملايين حول العالم.
الاكتشاف الجديد لا يقتصر على تقليل أعراض المرض فحسب، بل يفتح المجال أمام علاج جذري قائم على إعادة التوازن الحيوي داخل الخلايا العصبية.
فهم جديد لدور الكالسيوم في المرض
تركزت أبحاث العلماء على مشكلة أساسية يعاني منها مرضى ألزهايمر، وهي اختلال توازن أيونات الكالسيوم داخل الخلايا العصبية.
فالكالسيوم يمثل عنصر إشارة رئيسيًا في الجهاز العصبي، ويُضبط تركيزه بدقة عالية لضمان عمل الدماغ بصورة طبيعية.
غير أن بروتين “بيتا أميلويد” السام، الذي يتراكم في أدمغة المصابين، يعطل هذه العملية ويؤدي إلى ما يُعرف بـ “الفيضان الكلسي”، حيث تتعرض الخلايا العصبية لتدفق غير منضبط من الكالسيوم.
هذه الحالة تسبب فرط النشاط العصبي، وانهيار الاتصالات بين الخلايا، وفي النهاية موت الخلايا العصبية، وهو ما يترجم إلى فقدان الذاكرة وتدهور القدرات الإدراكية.
مقاربة مختلفة عن العلاجات التقليدية
على عكس النهج التقليدي الذي يعتمد على إغلاق قنوات دخول الكالسيوم داخل الخلية، وهو حل قد يتسبب بآثار جانبية خطيرة، قرر الباحثون الروس السير في اتجاه آخر يقوم على مساعدة الخلايا على مواجهة الأزمة بنفسها.
فسلطوا الضوء على مضخة داخلية تُعرف باسم SERCA، مسؤولة عن إعادة ضخ الكالسيوم الزائد إلى مخازن متخصصة داخل الخلية.
من هنا برزت فرضيتهم: إذا جرى تعزيز عمل هذه المضخة باستخدام مركب دوائي مبتكر يُعرف بـ NDC-9009، يمكن حينها حماية الخلايا العصبية من الانهيار الناجم عن الإجهاد الكلسي.
نتائج واعدة على التجارب الحيوانية
الدراسات التي أجراها الفريق أظهرت نتائج مشجعة للغاية. إذ تبين أن الفئران المصابة بأعراض شبيهة بمرض ألزهايمر تعاني من نشاط عصبي غير منتظم وفوضوي.
لكن بعد حقن أدمغتها بمركب NDC-9009، استعادت شبكاتها العصبية نشاطها الطبيعي، ليصبح مشابها لما هو عليه عند الفئران السليمة.
الأهم من ذلك أن التحسن لم يكن على المستوى العصبي فقط، بل انعكس أيضًا على القدرات الإدراكية، حيث أظهرت الفئران تحسنًا ملحوظًا في الذاكرة وسرعة التعلم خلال الاختبارات السلوكية.
آفاق مستقبلية لعلاج الخرف
يرى العلماء أن هذا الاكتشاف قد يمثل خطوة فارقة في معركة البشرية مع مرض ألزهايمر، إذ يقدم لأول مرة إمكانية علاج المرض عبر معالجة أحد جذوره البيولوجية الرئيسية بدلًا من الاكتفاء بالتخفيف من الأعراض.
وفي حال أثبتت التجارب السريرية على البشر فعاليته وأمانه، فإن مركب NDC-9009 قد يصبح الأساس لابتكار جيل جديد من العلاجات القادرة على إنقاذ ملايين المرضى وعائلاتهم من المعاناة التي يفرضها الخرف.
اقرأ ايضًا…المشروبات الغازية تحت المجهر…دراسة تكشف علاقتها المفاجئة بالصلع وتساقط الشعر