قبيل انعقاد قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تبدأ الاثنين، شهدت مدينة تيانجين الصينية، الأحد، مراسم استقبال رسمية وحافلة بالرمزية السياسية أقامها الرئيس الصيني شي جينبينغ لقادة روسيا والهند وإيران وتركيا وأكثر من عشرين دولة أخرى.
هذه القمة، التي تعد الأهم منذ تأسيس المنظمة عام 2001، تأتي في وقت حساس من التاريخ العالمي، مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية، واشتداد الضغوط الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ما يضفي أبعادًا إضافية على الاجتماعات.
حضور دولي لافت ورسائل متعددة
وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صباح الأحد بعيدًا عن الأضواء، لكنه يقود وفدًا سياسيًا واقتصاديًا رفيع المستوى، فيما حط رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في الصين السبت في أول زيارة له منذ عام 2018، في خطوة تعكس تقاربًا متزايدًا بين بكين ونيودلهي رغم الخلافات القديمة.
كما وصل قادة إيران وتركيا ودول أخرى، وسط تأكيد رسمي على أن القمة ستشهد سلسلة لقاءات ثنائية رفيعة المستوى تعكس حجم التحديات الإقليمية والدولية.
إجراءات أمنية مشددة في المدينة
شهدت تيانجين حالة استنفار أمني غير مسبوقة، حيث انتشرت مركبات مدرعة في الشوارع وأغلقت مسارات رئيسية، فيما امتلأت المدينة بلافتات ضخمة باللغتين الصينية والروسية تشيد بـ«روح تيانجين» و«الثقة المتبادلة» بين بكين وموسكو.
هذه الإجراءات تعكس أهمية قمة شنغهاي بالنسبة للصين التي تسعى لتقديم نفسها باعتبارها قوة استقرار ونموذجًا جديدًا للعلاقات الدولية، في مواجهة ما تعتبره نهجًا أحاديًا من قبل الولايات المتحدة.
منظمة شنغهاي.. قوة موازنة للغرب
تضم منظمة شنغهاي للتعاون عشر دول أعضاء إلى جانب 16 دولة بصفة مراقب أو شريك، ما يجعلها تمثل قرابة نصف سكان العالم ونحو ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. المنظمة، التي ينظر إليها على أنها قوة موازية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، تملك ثروات هائلة من مصادر الطاقة، ما يمنحها ثقلاً اقتصاديًا وسياسيًا متزايدًا. هذا الثقل يمنح قمة تيانجين أهمية خاصة، خصوصًا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات التجارية الأميركية الصينية الهندية، والملف النووي الإيراني.
لقاءات ثنائية رفيعة المستوى
القمة شهدت بالفعل لقاءات ثنائية بارزة جمعت الرئيس الصيني شي جينبينغ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ومن المنتظر أن يناقش شي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان مستقبل الملف النووي الإيراني، كما سيجتمع مع رئيس الوزراء التركي لبحث التطورات في أوكرانيا، ومع رئيس الوزراء الفيتنامي لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي.
كوريا الشمالية وحضور لافت في المشهد
ومن بين أبرز الأحداث المرتقبة خلال قمة شنغهاي للتعاون والعروض العسكرية التي ستليها، زيارة نادرة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى الصين، في خطوة تعكس عمق العلاقات بين بيونغ يانغ وبكين.
كما تؤكد تقارير استخباراتية أن كوريا الشمالية باتت حليفًا رئيسيًا لروسيا في حربها بأوكرانيا، حيث أرسلت آلاف الجنود لدعم موسكو.
هذا الحضور يضيف بعدًا جديدًا للعلاقات الدولية، خصوصًا مع ازدياد الحديث عن تحالفات غير تقليدية في مواجهة الغرب.
“رقصة التنين والفيل”.. الصين والهند بين التعاون والمنافسة
ورغم التوترات الحدودية السابقة بين الصين والهند، أكد اللقاء بين شي ومودي على أهمية التعاون بين البلدين اللذين يمثلان معًا نحو 2.8 مليار نسمة.
شي أطلق على هذه الشراكة وصف “رقصة التنين والفيل”، بينما أشار مودي إلى “أجواء السلم والاستقرار” التي تميز المرحلة الحالية، ما يعكس محاولة الطرفين تجاوز الخلافات لصالح شراكات استراتيجية أوسع في ظل التحديات الدولية.
الصين تقدم نفسها بديلاً للنموذج الغربي
تؤكد بكين من خلال هذه القمة أن نموذجها المتعدد الأقطاب للعلاقات الدولية يمثل بديلاً للنظام الذي تقوده القوى الغربية.
ويرى محللون أن مشاركة هذا العدد الكبير من الدول في القمة يشير إلى تنامي نفوذ الصين وقدرة منظمة شنغهاي على جذب دول غير غربية إلى دائرة التأثير، ما يرسخ فكرة أن موازين القوى الدولية باتت في طور إعادة التشكيل.
اقرأ ايضًا…خطة سلام أمريكية – أوروبية في أوكرانيا.. مقاولون عسكريون ومنطقة عازلة ضمن المقترحات