جددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اليوم الثلاثاء، قلقها العميق إزاء التصعيد العسكري المتسارع في العاصمة طرابلس، وسط مخاوف من اندلاع اشتباكات مسلحة جديدة بين المجموعات المتناحرة في غرب البلاد.
وفي بيان هو الثاني خلال أسبوع، حذرت البعثة من أن استئناف الصراع ستكون له “عواقب وخيمة على ليبيا وشعبها”، داعية جميع الأطراف إلى وقف أي استعدادات قد تؤدي إلى العنف، والالتزام بتجنّب الأعمال التي تعرض حياة المدنيين للخطر.

وأكدت الأمم المتحدة أن المفاوضات الجارية تحت إشراف المجلس الرئاسي الليبي ما زالت مستمرة، مطالبة جميع القوى المسلحة بـ “الانخراط بحسن نية” لمناقشة القضايا العالقة والعمل لمصلحة سكان العاصمة.
إطلاق نار وحالة ذعر
تزامن البيان الأممي مع انتشار مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت دوي إطلاق نار متفرق غرب طرابلس، وسط ازدحام مروري كبير تسبب في حالة من الهلع بين السكان.
وأفاد شهود عيان بأن أرتالاً عسكرية تابعة للحكومة خرجت من مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، وتمركزت لاحقًا في الضواحي الشرقية للعاصمة. وقالت صبيحة محمد، وهي من سكان المنطقة، لوكالة “فرانس برس”: “الخوف كان أكبر من الخطر، لكننا نبقى حذرين لأن كل شيء قابل للانفجار في أي لحظة”.

خلفية سياسية وأمنية
تأتي هذه التطورات بعد أشهر من الهدوء النسبي الذي شهدته العاصمة الليبية عقب اشتباكات دامية منتصف مايو/أيار الماضي بين قوات موالية للحكومة ومجموعات مسلحة منافسة، أسفرت عن ستة قتلى مدنيين على الأقل، وفق تقارير الأمم المتحدة.
حينها، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنشاء لجان أمنية مشتركة وقوة لفض النزاعات، غير أن الاتفاق بدا هشًا مع تجدد مظاهر التوتر في الأسابيع الأخيرة.
موقف حكومة الدبيبة
من جانبه، وجّه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة رسائل متكررة إلى المجموعات المسلحة الناشطة في طرابلس، خصوصًا قوة الردع الخاصة التي دخلت في خلافات متصاعدة معه.
وطالب الدبيبة هذه القوى بتسليم كافة المقار الحكومية التي تسيطر عليها، بما فيها المطار والميناء البحري، مشترطًا تنفيذ ذلك لتجنب أي عمليات عسكرية ضدها مستقبلًا، ومهددًا بالتحرك العسكري في حال رفضت الاستجابة.

جذور الأزمة الليبية
منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، تعيش ليبيا حالة مستمرة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، حيث تتنازع سلطتان على الحكم:
اقرأ أيضًا:
لبنان وسوريا يشكلان لجنتين مشتركتين لحسم 3 ملفات حساسة
حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمدعومة دوليًا.
حكومة موازية في الشرق يقودها أسامة حماد وتدعمها قوات المشير خليفة حفتر.
هذا الانقسام السياسي انعكس مباشرة على الأوضاع الأمنية، حيث تسيطر مجموعات مسلحة متنافسة على مناطق مختلفة، ما يجعل العاصمة طرابلس بؤرة توتر قابلة للاشتعال في أي لحظة.
مع تجدد تحذيرات الأمم المتحدة من خطر المواجهات المسلحة في طرابلس، تبقى الأزمة الليبية مرشحة لمزيد من التعقيد ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تنهي حالة الانقسام وتعيد للدولة مؤسساتها الموحدة. ويبقى السؤال: هل تنجح الضغوط الدولية في دفع الأطراف الليبية إلى طاولة الحوار قبل انفجار جولة جديدة من العنف؟