في خطوة وصفت بأنها تاريخية وحاسمة، عين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، النائبة شبانة محمود وزيرةً للداخلية، لتصبح بذلك أول امرأة مسلمة تتولى واحدًا من أرفع المناصب الوزارية في تاريخ المملكة المتحدة. وتأتي هذه الترقية بعد فترة ناجحة شغلت فيها منصب وزيرة العدل، حيث أثبتت كفاءة لافتة في الملفات الشائكة التي تعاملت معها.
وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن هذه الخطوة تمثل رهانًا سياسيًا مهمًا من حزب العمال، في ظل تصاعد التحديات الأمنية والهجرة غير النظامية، والتي تُعد من أبرز القضايا التي قد تُهدد مكاسب الحزب في الانتخابات المقبلة، خاصة مع تصاعد نبرة حزب “إصلاح المملكة المتحدة” بقيادة نايجل فاراج.
شبانة محمود أول مسلمة في “الداخلية البريطانية”
خلال فترة توليها وزارة العدل، استطاعت محمود أن تكسب احترامًا واسعًا، سواء من داخل حزب العمال أو عبر الساحة السياسية الأوسع، من خلال تبنيها لسياسات إصلاحية حقيقية. تضمنت تلك السياسات مراجعة آليات الإفراج المبكر عن السجناء، وطرح نظام جديد للعقوبات، يُنظر إليه باعتباره نواة لتحديث منظومة العدالة الجنائية في البلاد.

ملفات أمنية ملغّمة على مكتب شبانة محمود
التحديات التي تواجه محمود في وزارة الداخلية ليست قليلة؛ إذ تشمل إدارة ملف الهجرة غير النظامية، الأمن القومي، والشرطة، في ظل تصاعد الانتقادات لأداء الحكومات السابقة – سواء من المحافظين أو من داخل حزب العمال – في احتواء أزمة عبور المهاجرين للقناة الإنجليزية على متن القوارب الصغيرة.
وبحسب الجارديان، فإن فشل الحكومات المتعاقبة منذ 2018 في إيقاف تدفق المهاجرين غير النظاميين من شمال فرنسا عبر القناة، كان مصدرًا دائمًا للضغط السياسي، خاصة مع تجاوز عدد العابرين منذ تولي العمال للسلطة حاجز الـ50 ألفًا.
شبانة محمود ورؤية واقعية تجاه الهجرة
محمود، التي تنحدر من أصول باكستانية وتمثل دائرة “برمنغهام ليديوود” ذات الأغلبية غير البيضاء، تُعد من الأصوات الأكثر وضوحًا داخل الحزب بشأن ملف الهجرة. وفي مقابلة سابقة مع ذا سبيكتاتور، عبّرت عن دعمها لضبط الحدود وتنظيم الهجرة، مؤكدة أن أغلب ناخبيها – الذين ينحدر الكثير منهم من خلفيات مهاجرة – يتبنون رؤية واقعية، ويطالبون بسياسات عادلة ومنضبطة للهجرة.
وقالت محمود: “70% من دائرتي من غير البيض، ومع ذلك عندما تتحدث إليهم، ستجد أنهم يريدون نظام هجرة منظم وعادل. الكثير منهم جاء إلى بريطانيا وفق قوانين صارمة ويشعرون بالقلق من اختراق هذا النظام.”
من المتوقع أن تطرح الوزيرة الجديدة تعديلات تشريعية تُصعّب تقديم طلبات اللجوء عبر الطرق غير القانونية، مع تسريع إجراءات الترحيل، وهي خطوات تهدف إلى كبح جماح العصابات المتورطة في تهريب البشر، والتي لا تزال تعمل بنشاط في شمال فرنسا.
وبينما يُنظر إلى تعيين شبانة محمود بوصفه تحولًا رمزيًا في مسار السياسة البريطانية نحو مزيد من الشمول والتمثيل، فإن التحديات التي ستواجهها قد تكون بمثابة الاختبار الأصعب لحكومة العمال في أشهرها الأولى.