تتجه أنظار العالم السينمائي، مساء السبت، إلى مدينة البندقية الإيطالية، حيث تُعلن أسماء الفائزين في الدورة الـ82 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي. وتتوقع أوساط النقاد والمتابعين أن يكون فيلم “صوت هند رجب”، الذي يتناول مأساة طفلة من غزة، الأوفر حظاً لنيل جائزة الأسد الذهبي، خلفاً لفيلم The Room Next Door للمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار.
ورغم الترجيحات، يبقى القرار النهائي بيد لجنة التحكيم التي يترأسها المخرج الأمريكي ألكسندر باين، والتي تقيّم 21 فيلماً تتنافس في المسابقة الرسمية.
“صوت هند رجب”.. مأساة غزة على الشاشة الكبيرة
فيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية أثار موجة تعاطف وتأثر غير مسبوقة في مهرجان البندقية، حيث أبكى الجمهور وحظي بتصفيق استمر 23 دقيقة متواصلة عقب عرضه.
واستند الفيلم إلى تسجيلات صوتية حقيقية لمكالمة أجرتها الطفلة هند رجب، البالغة خمس سنوات، مع الهلال الأحمر الفلسطيني في يناير/كانون الثاني 2024، تطلب النجدة بعد مقتل عائلتها برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة.
ورغم بقائها ثلاث ساعات على الخط في محاولة لإنقاذها، عُثر عليها لاحقاً مقتولة داخل السيارة إلى جانب خالها وزوجته وأطفاله الثلاثة. وقال المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا في تصريحات سابقة إن الفيلم كان متوقعاً أن يُحدث “تأثيراً عاطفياً قوياً على الحاضرين”.
غزة في قلب مهرجان البندقية
لم يقتصر حضور القضية الفلسطينية على شاشة العرض فقط، بل امتد إلى أجواء المهرجان. فقد وجّهت مجموعة “البندقية من أجل فلسطين”، التي أسسها عشرة مخرجين إيطاليين مستقلين، رسالة مفتوحة خلال الافتتاح للتنديد بالحرب في غزة.
كما شهدت شوارع جزيرة ليدو تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين، وعبّر فنانون عن دعمهم عبر ارتداء شارات وبروشات ورفع لافتات على السجادة الحمراء.
أفلام أخرى بارزة في المنافسة
إلى جانب فيلم “صوت هند رجب”، ضمّت المنافسة الرسمية أعمالاً بارزة منها:
“ساحر الكرملين” (The Wizard of the Kremlin) من بطولة جود لو، الذي يستعرض مسيرة صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
“بوغونيا” (Bugonia) للمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس، الذي تناول قضايا التكنولوجيا والحروب والتغير المناخي.
“فرانكشتاين” للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو، وهو إنتاج ضخم مرشح بقوة للجوائز التقنية.
“ذي سماشينغ ماشين” (The Smashing Machine) بطولة دواين جونسون، حيث يجسّد مقاتلاً في الفنون القتالية يواجه إدمانه.
“ذي تيستامنت أوف آن لي” (The Testament of Ann Lee) بطولة أماندا سيفريد، التي جسدت شخصية زعيمة دينية في القرن الـ18.
“ليترانجيه” (L’Étranger) المقتبس عن رواية ألبير كامو الشهيرة، بطولة الفرنسي بنجامان فوازان.
الفيلم الكوري الجنوبي “نو أذر تشويس” (No Other Choice) للمخرج بارك تشان ووك، الذي لاقى استحساناً كبيراً.
“غيرل” (Girl) للنجمة التايوانية شو تشي، في تجربتها الإخراجية الأولى.
اقرأ أيضًا:
فيلم 28 Years Later: The Bone Temple.. عودة السلسلة الأشهر في عالم الرعب
نجوم هوليوود في الموسترا
تميّز مهرجان البندقية بحضور واسع لنجوم السينما العالمية، خصوصاً من الولايات المتحدة، حيث حضر جورج كلوني، إيما ستون، جوليا روبرتس في مشاركتها الأولى، إضافة إلى دواين جونسون وأماندا سيفريد، ما عزّز من مكانة المهرجان كمنصة بارزة لانطلاق جوائز الأوسكار.
يُسدل الستار على الدورة الـ82 من مهرجان البندقية بعرض الفيلم الفرنسي “شيان 51” (Chien 51)، وهو فيلم تشويق ضخم تدور أحداثه في باريس مستقبلية متخيلة حيث يُوكل حفظ النظام إلى الذكاء الاصطناعي.

يرى مراقبون أن مهرجان البندقية هذا العام لم يكن مجرد احتفال بالفن السابع، بل منصة لتسليط الضوء على قضايا إنسانية وسياسية كبرى، وعلى رأسها حرب غزة. ومع ترقّب إعلان الجوائز، يبقى فيلم “صوت هند رجب” رمزاً للتقاطع بين السينما والواقع، وقد يكون العمل الذي يخلّد المأساة الفلسطينية في ذاكرة المهرجان والعالم.