كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، نقلاً عن خبراء أمنيين، أن البرنامج النووي الإيراني يمر حالياً بحالة “تجميد مؤقت”، في وقت تتحرك فيه دول الترويكا الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) نحو تفعيل آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.
البرنامج النووي الإيراني تحت ضغط التهديد العسكري
ورغم هذا الجمود، أكدت الصحيفة أن احتمال توجيه إسرائيل أو الولايات المتحدة ضربة عسكرية جديدة ضد المنشآت النووية الإيرانية يبقى قائماً، خاصة إذا اتخذت طهران خطوات إضافية في مشروعها النووي.

وقال جوناثان روه، مدير السياسات الخارجية في معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي، إن إيران “تتجنب حالياً أي تقدم جديد خوفاً من ضربة عسكرية إسرائيلية أخرى”، مشيراً إلى أنها ما زالت تحتفظ بالبنية التحتية والخبرة الفنية اللازمة لإنتاج نموذج بدائي لسلاح نووي، لكنها مقتنعة بأن أي محاولة في هذا الاتجاه ستقابل بـ”عقاب مباشر”.
البعد النفسي في قرارات طهران
أوضح روه أن العامل الحاسم في قرارات إيران “ليس فنياً بل نفسياً”، إذ إن التوقف الحالي يعود إلى الخوف من الهجمات العسكرية، لا إلى فقدان القدرة التقنية. وأضاف أن طهران تركز في هذه المرحلة على إصلاح منظوماتها الدفاعية الجوية وتعويض خسائرها جراء الضربات الإسرائيلية، بدلاً من توسيع أنشطتها النووية.
وحذّر الخبراء من أن أخطر رد محتمل من إيران سيكون الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، وهو ما قد يترتب عليه تداعيات خطيرة على النظام الدولي لمنع الانتشار النووي، فضلاً عن إمكانية تفجير مواجهة مباشرة بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى.
دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية
من جانبها، قالت كلسي داونبورت، مديرة سياسات منع الانتشار في جمعية مراقبة التسلح النووي، إن تقييم مدى سرعة عودة إيران إلى “العتبة النووية” لن يكون ممكناً إلا بعد عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى البلاد، لتحديد حجم مخزونات اليورانيوم المخصب وعدد أجهزة الطرد المركزي المتضررة.
في 28 أغسطس الماضي، أبلغت دول الترويكا الأوروبية مجلس الأمن الدولي ببدء إجراءات تفعيل آلية الزناد، وهو ما دفع إيران إلى إصدار مواقف متناقضة؛ إذ لوحت بالانسحاب من معاهدة NPT، لكنها في الوقت ذاته أعلنت استعدادها لمواصلة المسار الدبلوماسي فيما يخص البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب محللين، فإن هذه الخطوة الأوروبية قد تُعيد إيران إلى دائرة العقوبات الأممية الكاملة، وتضعها في موقع “المتهم” دولياً.
اقرأ أيضًا:
تصعيد خطير بين إسرائيل والحوثيين.. معركة الطائرات المسيّرة تفتح جبهة جديدة في البحر الأحمر
خطاب خامنئي ورسائل متناقضة
في 7 سبتمبر، قال المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقائه أعضاء الحكومة إن “العدو يسعى لفرض حالة اللا حرب واللا سلم على إيران”، معتبراً أن هذه الحالة “مضرة وخطيرة”.
ويأتي هذا الموقف متناقضاً مع تصريحات سابقة له عام 2018 حين أكد: “لا حرب ستقع ولا مفاوضات ستجري”. أما اليوم، ومع تفعيل آلية الزناد، فإن الضغوط الدولية تبدو أكثر حدة، وتضع إيران أمام خيارات صعبة.
ذكرت شبكة فرانس 24 في تقرير لها بتاريخ 5 سبتمبر، أن تفعيل آلية الزناد قد يمنح أي ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران “غطاءً شرعياً” من منظور القانون الدولي، وهو ما يزيد المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية مفتوحة في المنطقة إذا فشلت المساعي الدبلوماسية فيما يخص البرنامج النووي الإيراني.