في خطوة وُصفت بـ”التاريخية”، أعلنت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق بشأن آليات عملية لاستئناف عمليات التفتيش النووي المتوقفة منذ أشهر، وذلك بعد مفاوضات مكثفة استضافتها العاصمة المصرية القاهرة، برعاية مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
القاهرة تنقذ الاتفاق النووي الإيراني
جاء التفاهم الجديد في لحظة إقليمية ودولية بالغة التعقيد، مع تصاعد المخاوف من فشل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، وكانت عمليات التفتيش قد توقفت منذ أشهر وسط توتر بين طهران والدول الغربية، وتلويح بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإعادة فرض عقوبات أممية على إيران.

تصريحات غروسي: “خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح”
قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، عبر منصة “إكس”، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يمثل “خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح”، مشيراً إلى أن الاتفاق يتيح استئناف أنشطة التفتيش بشكل كامل داخل إيران.
وأكد غروسي لاحقاً أن نجاح المفاوضات لم يكن ليحدث لولا الدور المصري “الوازن”، موضحاً أن القاهرة لعبت دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
لقاءات السيسي مع عراقجي وغروسي
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، كلاً من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
ناقش الرئيس السيسي مع وزير الخارجية الإيراني تطورات العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، فيما نقل عراقجي إلى السيسي رسالة من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تضمنت التحية والتطلع إلى تعزيز التعاون الثنائي. وأكد السيسي من جانبه أن مصر ترحب باستكشاف آفاق التعاون المشترك بما يخدم المصالح المتبادلة ويساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
كما تناول اللقاء مستجدات الملف النووي الإيراني، حيث شدد السيسي على أهمية اتفاق القاهرة بين إيران والوكالة الدولية، مؤكداً دعم مصر لكل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وتهيئة بيئة مناسبة للحوار البنّاء.
وأكد السيسي خلال لقائه لقائه مع مع المدير العام للوكالة الدولية تقدير مصر للدور الحيوي للوكالة الدولية في دعم منظومة عدم الانتشار النووي، مشدداً في الوقت ذاته على حق الدول الأعضاء في الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.
بدوره، عبّر غروسي عن امتنانه العميق للدور المصري، معتبراً أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه “ما كان ليحدث لولا مكانة مصر الإقليمية وإشراف الرئيس السيسي المباشر على المفاوضات”.
لقاء ثلاثي تتويج للوساطة المصرية
عقب اللقاءات الثنائية، عقد الرئيس المصري اجتماعاً ثلاثياً مع عراقجي وغروسي، رحّب فيه بالاتفاق، معتبراً أنه يمثل خطوة إيجابية نحو خفض التصعيد وإقناع الأطراف المعنية بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأكد السيسي أن مصر ستواصل اتصالاتها مع جميع الأطراف لضمان تنفيذ الاتفاق واستئناف المفاوضات النووية، مشدداً على أن بلاده ملتزمة بدعم الاستقرار الإقليمي ومنع انزلاق المنطقة إلى دوائر جديدة من التوتر.
اقرأ أيضًا:
15 طائرة و10 قذائف دقيقة.. تفاصيل العملية الإسرائيلية التي هزّت قطر
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الإيراني عن تقدير بلاده الكامل لمصر على جهودها التي أفضت إلى الاتفاق، معتبراً أنه سيفتح “مرحلة جديدة” تسهم في تجنب التصعيد وتمهّد الطريق لاستئناف المفاوضات حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
يأتي الاتفاق بينما أطلقت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في أواخر أغسطس/آب 2025 عملية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، متهمة إياها بعدم الالتزام باتفاق 2015. وبموجب هذه العملية، من المقرر أن يصوت مجلس الأمن بحلول نهاية سبتمبر/أيلول على قرار لرفع العقوبات بشكل دائم، وهو ما يتطلب تأييد 9 أصوات على الأقل وعدم استخدام أي من الدول الخمس الكبرى حق النقض (الفيتو).
مصر ودورها في الملف النووي
جدد السيسي خلال اللقاءات تأكيد موقف مصر الثابت بدعم جهود نزع السلاح النووي وتعزيز منظومة عدم الانتشار، إلى جانب التزامها بالسعي نحو إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وأكد أن القاهرة ستظل تلعب دوراً نشطاً في دعم الحوار الدبلوماسي ومنع سباق التسلح النووي في المنطقة.