في صباحٍ بدا عاديًا، وسماءٍ زرقاء فوق نيويورك، كانت الحياة تمضي بتسارعها الأمريكي المعتاد. لم يكن أحد يتخيل أن هذا اليوم، الثلاثاء 11 سبتمبر 2001، سيكون علامة فارقة في التاريخ الإنساني والسياسي، وأنه سيُخلّد بصفته “اليوم الذي تغيّر فيه العالم”.
أحداث 11 سبتمبر
عند الساعة 8:46 صباحًا، اصطدمت أول طائرة مختطفة بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي. في اللحظة الأولى، ظن كثيرون أنه حادث طيران مأساوي. لكن، بعد 17 دقيقة فقط، جاء الاصطدام الثاني بالبرج الجنوبي ليحسم الشك: أمريكا تحت هجوم إرهابي منسق.

لم تكن نيويورك وحدها. في واشنطن، كانت هناك طائرة ثالثة تصطدم بمبنى وزارة الدفاع (البنتاجون)، بينما سقطت طائرة رابعة في بنسلفانيا بعد محاولة الركاب استعادة السيطرة عليها من الخاطفين. المشهد كان يتجاوز الخيال، وكانت أمريكا كلها تحت الصدمة.
في أقل من ساعتين، انهار البرجان التوأمان، ليس فقط كرمز اقتصادي عالمي، بل كقلب نابض للعولمة الأمريكية. سحب الرماد غطت مانهاتن، وصراخ الناجين اختلط بأزيز سيارات الإسعاف، بينما توهجت شاشات العالم بنقل مباشر للحظة انهيار الطمأنينة الدولية.

دقائق غيّرت القرن
قُتل ما يقرب من 3000 شخص في تلك الهجمات، بينهم أكثر من 400 من رجال الإطفاء والشرطة الذين هرعوا لإنقاذ الأرواح. كان العدد كافيًا ليحوّل الحادث من مأساة وطنية إلى جرح عالمي لا يُنسى.
لكن 11 سبتمبر لم يكن مجرد كارثة إنسانية؛ لقد كان نقطة تحوّل في تاريخ السياسة العالمية. في الأيام التالية، أعلن الرئيس جورج بوش “الحرب على الإرهاب”، وبدأت الولايات المتحدة أطول حروبها في أفغانستان، ثم العراق، تحت ذريعة “إزالة أسلحة الدمار الشامل”. تغيّر القانون الأمريكي داخليًا أيضًا، عبر قوانين المراقبة والتضييق، والتي فتحت بابًا واسعًا للجدل حول الحريات الفردية.
102 دقيقة قلبت كوكبًا
على الجانب الآخر، عاش المسلمون في أمريكا والعالم حالة غير مسبوقة من الشكوك والتضييق. ارتفعت وتيرة الإسلاموفوبيا، وسقط الأبرياء في فخ التصنيفات الجاهزة، ودفع الكثير ثمنًا لمجرد انتمائهم الديني.
اليوم، بعد أكثر من عقدين، لا تزال تداعيات ذلك اليوم تتردد. مناهج التعليم تغيّرت، وتوازنات السياسة الدولية أعيد رسمها، والعالم لا يزال يحاول أن يجد توازنًا بين الأمن والحرية.

لكن ما لم يتغير هو تلك الصورة الأيقونية لرجل إطفاء يرفع العلم الأمريكي وسط الركام، ودموع رجل خرج من البرج المحترق يحمل على كتفيه غبار المدينة، ونظرات أم تبحث عن ابنها في لافتات المفقودين.
11 سبتمبر لم يكن مجرد “هجومًا”، بل كان زلزالًا عالميًا أخرج العالم من قرن وادخله في آخر، حيث لم تعد المعارك تُخاض فقط على الأرض، بل في المطارات، ووسائل الإعلام، وخلف شاشات المراقبة.
اقرأ أيضا.. التعليم في منا طق النزاعات.. الأمم المتحدة: 10 آلاف طفل بين قتيل وجريح في عام واحد