كشفت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن تفاصيل جديدة تتعلق بالساعات الأخيرة قبل تنفيذ الغارة الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء الماضي، والتي استهدفت مقر إقامة قادة حركة حماس.
ووفق التقرير، فقد تزامن الهجوم مع مناقشات حساسة جرت بين وفد من حماس والسلطات القطرية حول مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في غزة، ما جعل الضربة بمثابة “هجوم على جهود السلام” لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
اجتماع سري في الدوحة
بحسب مصادر مطلعة، عقد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اجتماعاً مساء الإثنين مع خليل الحية كبير مفاوضي حماس.
وانتهى الاجتماع قبيل الساعة التاسعة والنصف مساء، وبعد مغادرة الحية، أجرت الدوحة اتصالات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي لإطلاعهم على تطورات المقترح الأميركي.
واستمرت الاتصالات بين فريقي التفاوض القطري والإسرائيلي حتى الخامسة فجراً، بينما وعدت حماس بالرد بعد 12 ساعة. إلا أن إسرائيل كانت قد أعدت خططاً مغايرة.
خطط إسرائيلية مؤجلة منذ شهرين
ووفق “سي إن إن”، كانت إسرائيل تخطط منذ أكثر من شهرين لتوجيه ضربة مباشرة إلى قادة حماس في الدوحة، رغم أن العاصمة القطرية تمثل مركزاً أساسياً للمفاوضات المتعلقة بملف الرهائن ووقف الحرب، حتى بمشاركة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى.
ورأت الحكومة الإسرائيلية أن الضربة “تستحق المخاطرة”، فسرّعت خلال الأسابيع الأخيرة من الترتيبات العسكرية والاستخباراتية اللازمة للعملية.
التقرير أشار إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير ورئيس الموساد دافيد برنيا أبديا اعتراضاً على توقيت العملية، خاصة أنها جاءت بعد أيام فقط من طرح واشنطن مقترحاً جديداً لوقف إطلاق النار.

لكن الرجلين تم تهميش دورهما مؤخراً في بعض القرارات الأمنية، بينما فضل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاستجابة لمطالب شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف.
اقرأ أيضًا:
اتفاق نووي في القاهرة.. إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يتوصلان لتفاهم جديد بوساطة مصرية
ساعة الصفر: من الدوحة إلى واشنطن
حصل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) على معلومة استخباراتية دقيقة تفيد بوجود كبار قادة حماس في مبنى سكني بالدوحة مساء الإثنين، وكان الهدف الأساسي خليل الحية، وبعد تأجيل ليوم واحد للتأكد من وجوده، أعطيت الموافقة النهائية قبل ساعات فقط من تنفيذ الضربة.
ظهر الثلاثاء، أقلعت أكثر من 10 طائرات مقاتلة إسرائيلية لتنفيذ العملية، حيث استُخدمت على الأرجح طائرات إف-35، إف-16، وإف-15 التي سبق نشرها في معارك بعيدة المدى مثل الحرب مع إيران.
وفي تمام الساعة 3:46 عصراً بتوقيت الدوحة، أصابت القذائف الإسرائيلية المبنى السكني المستهدف وسط العاصمة، فيما وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه “ضربة دقيقة”.

إبلاغ متأخر للولايات المتحدة
تعمّدت إسرائيل تأخير إبلاغ واشنطن حتى اللحظة الأخيرة، لتفادي محاولة إفشال العملية، ووفق “سي إن إن”، لم يتم الاتصال مباشرة بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل تم تمرير الرسالة عبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية دان كين، الذي أبلغ ترامب، ثم قام الأخير بإخطار المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي بدوره أبلغ الدوحة، لكن بحلول الوقت الذي تلقى فيه المسؤولون القطريون الاتصال، كانت الغارة قد وقعت قبل 10 دقائق.
أفادت مصادر حسب “سكاي نيوز عربية” بأن واشنطن أبدت انزعاجاً كبيراً من الهجوم، إلا أن نتنياهو وترامب أجريا اتصالين بعد الضربة وصفهما مسؤول إسرائيلي بأنهما “جيدان للغاية”، فيما سارعت إسرائيل إلى تحمل المسؤولية الكاملة عن العملية، حيث أعلن نتنياهو أنها “عملية إسرائيلية مستقلة تماماً”، في محاولة واضحة لإبعاد واشنطن عن المشهد، وهو ما أكده التقرير الأميركي.
تكشف هذه التفاصيل أن الغارة الإسرائيلية على الدوحة لم تكن مجرد رد عسكري عابر، بل عملية معقدة سبقتها شهور من التخطيط والتجسس، ونفذت في لحظة حساسة تزامنت مع مفاوضات دولية لوقف إطلاق النار في غزة، وبينما اعتبرت قطر والولايات المتحدة أن الضربة إضعاف مباشر لمسار التهدئة، تصر إسرائيل على أنها خطوة استراتيجية ضرورية لاستهداف قيادة حماس في الخارج.