تشهد الولايات المتحدة حالة من الاستقطاب السياسي الحاد عقب اغتيال المؤثر المحافظ تشارلي كيرك، الحليف المقرب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث فقد عشرات الأميركيين وظائفهم بسبب تعليقات نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي انتقدت الراحل أو سخرت من مقتله.

من بين هؤلاء، كانت لورا سوش-لايتسي، الموظفة في جامعة حكومية بولاية تينيسي، التي كتبت تعليقًا على فيسبوك جاء فيه: “الكراهية تولّد الكراهية. لا تعاطف على الإطلاق”.
وقد أثار المنشور غضب السيناتور الجمهورية مارشا بلاكبرن، التي وصفت الموظفة بأنها “يجب أن تخجل” وطالبت بفصلها، وهو ما استجابت له الجامعة بالفعل.
اغتيال تشارلي كيرك أثار انقسامًا سياسيًا
قُتل كيرك، البالغ من العمر 31 عامًا، في حادث إطلاق نار داخل حرم جامعي بولاية يوتاه، وهي الجريمة التي سرعان ما قوبلت بإدانات من مختلف التيارات السياسية. لكن ترامب سارع إلى تحميل المسؤولية لـ “اليسار الراديكالي”، قبل أن يُلقى القبض على المشتبه به تايلر روبنسون، الذي تبين أنه نقش شعارات مناهضة للفاشية على الذخيرة التي استخدمها.
حملة مطاردة ضد المنتقدين
بعد الحادثة، تحوّل العديد من أنصار كيرك إلى ما يشبه “محققين” على الإنترنت، حيث أخذوا يبحثون عن الأشخاص الذين أبدوا شماتة أو دعمًا ضمنيًا لاغتياله.
وقال المؤثر المحافظ جوي مانارينو: “إذا كانت صورتهم موجودة على ملفهم الشخصي، حتى من دون اسم، يتم تنزيلها واستخدام البحث العكسي للتعرف عليهم”.
هذه الجهود استهدفت معلمين، عناصر إطفاء، عسكريين وغيرهم، وأسفرت عن فصل عدد منهم من وظائفهم بعد رصد منشورات اعتُبرت “مسيئة”.
ملاحقات سياسية وأمنية
وفي أوكلاهوما، خضع مدرس للتحقيق بعدما كتب: “مات تشارلي كيرك بالطريقة التي عاشها: إخراج أسوأ ما في الناس”. إدارة التعليم في الولاية وصفت تعليقاته بأنها “مقززة”، وفتحت تحقيقًا رسميًا بحقه.
كما أعلن وزير الدفاع بيت هيغسيث أنه أمر البنتاغون بمتابعة أي عسكريين يثبت أنهم احتفلوا بمقتل كيرك.
من جانبه، كتب نائب وزير الخارجية كريستوفر لانداو على منصة “إكس” أن الأجانب الذين يمجّدون العنف ليسوا مرحبًا بهم في الولايات المتحدة، مضيفًا: “وجّهت قنصلياتنا لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد كل من يبرر أو يستخف بهذا الاغتيال”.
اقرأ أيضًا:
من طالب متفوق لمتهم بالقتل.. القصة الكاملة لتحولات تايلر روبنسون واغتيال تشارلي كيرك
تكريم رسمي ودعم من ترامب
أشاد ترامب بكيرك واصفًا إياه بأنه “عملاق جيله”، وأمر بتنكيس الأعلام تكريمًا له. كما نُقل نعشه إلى مسقط رأسه في مدينة فينيكس على متن الطائرة الرسمية لنائب الرئيس جاي دي فانس.
ويرى محللون أن هذه الخطوات تؤكد المكانة الرمزية التي بات كيرك يتمتع بها داخل صفوف اليمين المحافظ الأميركي، حيث ينظر إليه مؤيدوه على أنه “شهيد قضى دفاعًا عن مبادئهم”.

هجمات من اليمين المتطرف ضد منتقدي كيرك
الناشطة اليمينية المتشددة لورا لومر، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بترامب، شنت حملة شرسة ضد موظفة في الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA) بعدما أعربت عن امتعاضها من تنكيس الأعلام تكريمًا لكيرك، واصفة إياه بـ”العنصري وكاره النساء”.
لومر شاركت حساب الموظفة على “لينكدإن”، وقالت: “هؤلاء الناس يكرهوننا. لا مكان لهم بالقرب من حاملي لواء قوتنا الوطنية”.
عقب ذلك، أعلنت الوكالة الفدرالية وضع الموظفة قيد إجازة قسرية، معتبرة أن تصريحاتها “مقززة وغير عادلة”.
انقسام أميركي متصاعد
تكشف هذه التطورات عن الطبيعة السياسية شديدة الاستقطاب في الولايات المتحدة، حيث يتحول كل حدث كبير – مثل اغتيال تشارلي كيرك – إلى ساحة مواجهة بين أنصار اليمين المحافظ وخصومهم من الليبراليين واليسار.
ويرى مراقبون أن ملاحقة المنتقدين عبر الإنترنت وفقدان وظائفهم تعكس أجواء “الترهيب السياسي”، ما يزيد من حدة الانقسام داخل المجتمع الأميركي قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.