تتصاعد حدة التوتر في أوروبا الشرقية مع تعدد الجبهات التي تشهد مواجهات غير مباشرة بين روسيا وأوكرانيا، وسط تخوفات متزايدة من تداعيات قد تطال أمن القارة بأكملها، ففي البر، تتبنى كييف عمليات تخريب لشبكة السكك الحديد الروسية، وفي الجو تعلن دول شرق أوروبا عن اختراقات متكررة لطائرات مسيّرة تقول إنها روسية، فيما تحذر رومانيا من “تهديدات خطيرة” لأمن البحر الأسود.
خرق جوي واستدعاء السفير الروسي في رومانيا
أعلنت وزارة الخارجية الرومانية، الأحد، أنها استدعت السفير الروسي في بوخارست، فلاديمير ليبايف، بعد ما وصفته بـ”خرق خطير” لطائرة مسيّرة روسية أجواء البلاد أثناء هجوم على أوكرانيا.
وقالت وزيرة الخارجية الرومانية أوانا تويو إن بلادها عبرت عن “احتجاج واضح” على الحادث، مؤكدة أن التصرفات الروسية تمثل “تحدياً مباشراً لأمن البحر الأسود”.
وأدانت وزارة الدفاع الرومانية ما وصفته بـ”الأعمال الروسية غير المسؤولة”، مضيفة أن المسيّرة التي اخترقت الأجواء من طراز شاهد-136 (جيران) التي تستخدمها موسكو في هجماتها ضد أوكرانيا.
بولندا في حالة استنفار
الخرق الجوي الأخير جاء بعد أربعة أيام من تحليق 19 مسيّرة في سماء بولندا، في حادثة وصفت بأنها “غير مسبوقة” منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.

وأكدت وارسو أن الطائرات مسيّرات روسية، فيما نفت موسكو هذه الاتهامات. ومع ذلك، رفعت بولندا ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) جاهزيتها العسكرية.
وفي رومانيا، أُرسلت مساء السبت طائرتان مقاتلتان من طراز إف-16 لمراقبة الأجواء، بينما شاركت طائرات ألمانية من طراز يوروفايتر تايفون في عمليات المراقبة. وأعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الطائرات الحليفة رصدت مسيّرة حلقت لنحو 50 دقيقة فوق شرق رومانيا قبل أن تغادر باتجاه أوكرانيا.
ورغم حصول الطيارين على إذن لإسقاط الهدف، فقد قرروا الامتناع عن إطلاق النار بسبب “المخاطر الجانبية” على المدنيين.
اقرأ أيضًا:
اغتيال تشارلي كيرك يثير انقسام سياسي حاد بالولايات المتحدة.. فقدان وظائف وعقوبات على المنتقدين
عمليات تخريب في شبكة السكك الحديد الروسية
على الجانب الآخر، صرّح مصدر في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية لوكالة “فرانس برس” بأن كييف مسؤولة عن عمليتي تخريب استهدفتا شبكة السكك الحديد الروسية في عطلة نهاية الأسبوع.
وأفاد المصدر بأن العملية الأولى وقعت السبت في منطقة أوريول الروسية وأدت إلى مقتل ثلاثة عناصر من الحرس الوطني الروسي، فيما استهدفت العملية الثانية خط السكك الحديد بين سانت بطرسبرغ وبسكوف في وقت مبكر من صباح الأحد، وتسببت بخروج قطار بضائع عن مساره وتدمير صهاريج وقود.
وأعلن ألكسندر دروزدينكو، حاكم منطقة لينينغراد، أن حادثين منفصلين لخروج قطارين عن مسارهما وقعا قرب مدينة غاتشينا، أحدهما أودى بحياة سائق قطار.
وقالت الاستخبارات الأوكرانية إن الهدف من العمليات هو “تعطيل خطوط الإمداد الروسية”، مؤكدة أن القتلى الثلاثة في أوريول كانوا خبراء ألغام أُرسلوا لإزالة عبوات ناسفة زرعت مسبقاً.
البحر الأسود وأمن أوروبا تحت التهديد
يرى محللون أن التصعيد الأخير يفتح جبهة جديدة في الصراع بين موسكو وكييف، تمتد آثارها إلى دول الجوار الأعضاء في الناتو. ومع ازدياد الخروقات الجوية وتكثيف عمليات التخريب للبنى التحتية، يزداد خطر انزلاق التوترات إلى مواجهة أوسع قد تشمل البحر الأسود، الذي يُعتبر شرياناً حيوياً لأمن الطاقة والتجارة في أوروبا.
تؤكد التطورات الأخيرة أن الحرب الروسية – الأوكرانية لم تعد محصورة في حدود البلدين، بل باتت تلامس أمن أوروبا الشرقية والبحر الأسود بشكل مباشر. وبينما تتبنى أوكرانيا عمليات تخريب داخل الأراضي الروسية، تواجه رومانيا وبولندا تهديدات متزايدة من المسيرات الروسية، ما يضع حلف الناتو أمام اختبار صعب في كيفية الرد دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.