يستخدم ملايين الأشخاص حول العالم الباراسيتامول لتخفيف الصداع، الحمى وآلام الظهر، حيث يُعد من أكثر مسكنات الألم شيوعًا وسهولة في التناول.
غير أن أبحاثًا حديثة تكشف أن هذا الدواء الذي يحظى بانتشار واسع قد لا يكون آمنًا بالقدر الذي يظنه الكثيرون، خاصة عند تناوله بشكل منتظم أو لفترات طويلة، وهو ما يثير قلقًا متزايدًا في الأوساط الطبية حول المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة به.
المخاطر الصحية المرتبطة بالاستخدام المنتظم
تشير الدراسات إلى أن الجرعات التي تعتبر آمنة عادة، مثل 4 غرامات يوميًا، قد تؤدي إلى فشل كبدي خطير إذا استُخدمت بشكل متكرر أو لفترات ممتدة.
كما تبيّن أن الاستهلاك المستمر للباراسيتامول قد يرفع ضغط الدم، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات قلبية سابقة.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ يمكن أن يرفع خطر نزيف الجهاز الهضمي أو يضر بوظائف الكلى، خصوصًا مع التقدم في العمر أو الإفراط في الجرعات.
وفي دراسة أمريكية حديثة، لوحظ ارتفاع بنسبة 18% في احتمالية الإصابة بطنين الأذن بين المستخدمين اليوميين للدواء.
كما ربطت تحليلات واسعة بين تناوله من قبل الحوامل وزيادة احتمالية إصابة الأطفال باضطرابات النمو العصبي مثل التوحد أو فرط الحركة، رغم أن هذه النتائج لم تُثبت علاقة سببية مباشرة بعد.
فعالية محدودة مقارنة بالاعتقاد السائد
رغم انتشاره، تظهر الأبحاث أن فعالية الباراسيتامول قد تكون أقل مما يتوقعه الكثيرون.
فبحسب دراسات طبية، يساعد الدواء واحدًا فقط من بين كل أربعة أشخاص في التخفيف من آلام ما بعد الجراحة، ويخفف الصداع لدى شخص واحد فقط من بين كل عشرة.
كما أظهرت نتائجه عدم تفوقه على العلاج الوهمي في حالات الألم المزمن مثل آلام الظهر أو هشاشة العظام.
هذه النتائج دفعت الهيئة البريطانية NICE إلى التوصية بعدم استخدامه كخيار لعلاج الألم المزمن، ما يعكس الحاجة لإعادة النظر في الاعتماد المفرط عليه.
ما يقوله الخبراء والتوصيات الطبية
يرى خبراء الصحة أن الصورة التقليدية عن أمان مسكن الباراسيتامول لم تعد دقيقة، فقد أكد البروفيسور أندرو مور، من مجموعة “كوكرين” للألم، أن الدواء يرتبط بزيادة خطر الوفاة والنوبات القلبية ونزيف المعدة، مشددًا على ضرورة إعادة تقييم مكانته كمسكن شائع.
أما الدكتور دين إيجيت من دونكاستر، فحذر من التعامل معه كدواء عادي يسهل الحصول عليه، مبينًا أن حتى تجاوز طفيف للجرعة الموصى بها يمكن أن يسبب أضرارًا دائمة بالكبد والكلى.
وفي ضوء هذه التحذيرات، يوصي الأطباء بالاكتفاء باستخدام الباراسيتامول لتسكين الآلام قصيرة الأمد فقط، مع الالتزام بأقل جرعة فعّالة ولأقصر فترة ممكنة، واستشارة الطبيب في حال الحاجة إلى تناول المسكنات بشكل متكرر أو منتظم.
اقرأ ايضًا…لقاح روسي جديد لعلاج السرطان يفتح آفاقاً واعدة للمرضى