في لحظةٍ بالغة الحساسية من عمر الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وفي ظل تصعيد عسكري مزلزل شمل لأول مرة العاصمة القطرية الدوحة، التأمت القمة العربية الإسلامية الطارئة اليوم في الدوحة، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من القادة العرب والمسلمين، لبحث تداعيات الغارة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي القطرية، والرد الجماعي على التهديدات المتصاعدة في قطاع غزة والمنطقة.
القمة القطرية
استهدف القصف الإسرائيلي، الذي طال مقرًا لوفد تابع لحركة “حماس” في الدوحة، عمق التحرك الدبلوماسي العربي – الإسلامي، ما اعتبرته القمة انتهاكًا فاضحًا للسيادة القطرية، وتهديدًا مباشرًا لمسارات الوساطة السياسية التي كانت ترعاها قطر منذ بدء الحرب في غزة.
وفي بيانها الختامي، حمّلت القمة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تقويض الجهود الدبلوماسية، وأكدت أن الاعتداء على قطر يُعد اعتداءً على الأمة بأكملها، في تعبير عن وحدة عربية – إسلامية نادرة الظهور بهذا الشكل الواضح والحازم.
القادة العرب والمسلمون جددوا رفضهم القاطع لمحاولات التهجير القسري في غزة، واعتبروها “جريمة تطهير عرقي”، مؤكدين أن أي خطوات لضم أراضٍ فلسطينية “تنسف أي أفق للسلام”. كما شدد البيان على أن الوساطة السياسية لا يجب أن تُستهدف عسكريًا أو يتم إفشالها سياسيًا، في إشارة مباشرة للهجوم الذي طال الوفد المفاوض في الدوحة.
رغم الهجوم، شدد البيان على أهمية الاستمرار في مسار التفاوض، ومنع انقطاع الوساطة بين حماس وإسرائيل، مشيرًا إلى أن التفاوض يظل المخرج الوحيد الممكن من دوامة العنف التي تسببت في نحو 100 ألف شهيد ومصاب منذ بداية الحرب.
ورحب القادة بإعلان نيويورك الداعم لحل الدولتين، وكرروا تمسكهم بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، مع تأكيد واضح على الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى، ورفض كامل لأي محاولات لتغيير الوضع القائم في القدس.
دعت القمة المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية، والضغط لإنهاء الاحتلال ضمن جدول زمني ملزم، مع ترحيب بقرار مجلس الأمن الذي أدان العدوان على قطر، وأعاد الاعتبار لمساعي الوساطة الثلاثية: قطر، مصر، الولايات المتحدة.
ورغم التصعيد غير المسبوق، لم تُتخذ إجراءات عقابية مباشرة ضد إسرائيل، مثل قطع العلاقات أو فرض عقوبات اقتصادية، ما فسره مراقبون بأنه خطوة محسوبة تمنح المجتمع الدولي فرصة أخيرة للتحرك قبل اللجوء إلى تصعيد سياسي أو قانوني.
في المقابل: تحالف أمريكي–إسرائيلي
في توقيت متزامن مع القمة، عقد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو اجتماعًا موسعًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، ناقش خلاله تفاصيل الهجوم على قطر، والمرحلة التالية من العمليات في غزة.
“استياء” دون تأثير.. ودعم “ثابت” لإسرائيل
ورغم إعرابه عن “تحفظ أمريكي على توقيت الغارة الجوية”، شدد روبيو على أن التحالف مع إسرائيل “أقوى من أي ظرف”، مؤكدًا أن واشنطن ستواصل دعم تل أبيب في “مواجهة التهديدات الإرهابية”، حسب وصفه.
وفي تناقض لافت، أعلن استمرار دعم بلاده للوساطة القطرية لتبادل الأسرى والرهائن، مع التشجيع على “استمرار الدور البنّاء لقطر” رغم استهداف أراضيها!
روبيو: لا مستقبل لغزة قبل القضاء على حماس
في تصريحات اعتبرها مراقبون ضوءًا أخضر للمزيد من التصعيد، قال روبيو إن “ضمان مستقبل أفضل لغزة يبدأ فقط بالقضاء على حماس”، مشيرًا إلى خطط إسرائيلية للسيطرة على مدينة غزة، وضم أجزاء من الضفة الغربية ضمن عملية إعادة “هيكلة كاملة” للمشهد السياسي والجغرافي الفلسطيني.
نتنياهو يتبنى الهجوم على قطر: لا حصانة لأحد
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي فتبنى علنًا مسؤولية قصف الدوحة، قائلاً إن العملية “رسالة بأن لا أحد محصن”، وأكد أن إسرائيل “ستواصل ملاحقة حماس أينما كانت”.
ووصف نتنياهو العلاقة مع الولايات المتحدة بأنها “تحالف لا يتزعزع”، ووجه شكرًا خاصًا للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، واصفًا إياه بـ”أعظم صديق لإسرائيل”، ومؤكدًا أن المعركة ستستمر حتى تحقيق النصر الكامل.
اقرأ أيضا.. ولي العهد السعودي يرأس وفد المملكة في القمم الخليجية والعربية الإسلامية بالدوحة