في تطور لافت يعكس حجم التوتر السياسي والانقسام الرقمي في الولايات المتحدة، واجه حساب البيت الأبيض الجديد على تطبيق “تيك توك” عاصفة من الانتقادات الحادة والسخرية اللاذعة فور إطلاقه، حيث تدفق عدد كبير من المؤثرين المناهضين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحساب، ليحوّلوه إلى ساحة مفتوحة للانتقاد العلني والمواجهة السياسية على منصات التواصل الاجتماعي.
عاصفة ضد ترامب على “تيك توك”
ووفقًا لتقرير موسّع نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، فإن إطلاق هذا الحساب جاء بعد نحو سبعة أشهر من بداية الولاية الثانية لترامب، في خطوة اعتُبرت من قبل الإدارة محاولة للانخراط بفعالية أكبر في الفضاء الرقمي، والوصول إلى جمهور الشباب عبر واحدة من أكثر المنصات تأثيرًا وانتشارًا في الولايات المتحدة. لكن النتيجة لم تكن كما خُطط لها، بل تحولت سريعًا إلى تحدٍ سياسي وإعلامي.

بدأ الحساب على “تيك توك” بمقطع فيديو قصير واحتفالي يظهر فيه ترامب وهو يسير على السجاد الأحمر ويصافح شخصيات مختلفة، ترافقه عبارة: “أمريكا، لقد عدنا”. غير أن هذا المشهد الذي أراد أن يعكس نغمة نصر وثقة، وُوجه بردود فعل مضادة تمامًا، إذ امتلأت التعليقات بالسخرية والانتقادات اللاذعة للرئيس، أغلبها من مؤثرين ينتمون إلى التيار اليساري أو الليبرالي.
ووفق تحليل الصحيفة، فقد كان 97 من أصل 101 فيديو نُشر على الحساب حتى الآن، مغمورًا بتعليقات سلبية أو ساخرة. وتنوعت الردود بين اتهامات مباشرة لترامب بالفساد، ونشر صور تم توليدها بالذكاء الاصطناعي تُظهره في أوضاع مهينة أو هزلية، من بينها دمج وجهه مع شكل سمكة في تعليقات لاقت تفاعلًا كبيرًا.
مؤثرون يغزون حساب البيت الأبيض الجديد
ونقلت “واشنطن بوست” عن ثمانية مصادر مطلعة على ما يدور خلف الكواليس في إدارة ترامب، أن إطلاق الحساب لم يكن خطوة سلسة أو مدروسة بما فيه الكفاية، بل سبقته أشهر من الجدل الداخلي حول كيفية صياغة استراتيجية محتوى واضحة، وتحديد من سيكون المسؤول عن قيادة هذه المبادرة الرقمية.
كما أشار بعض المسؤولين إلى نقص الموارد البشرية والفنية، ووجود خلافات حول طبيعة الفيديوهات المنشورة ومدى قوتها وجاذبيتها لجمهور تيك توك، خاصة أن المنصة تفرض أنماطًا سريعة ومباشرة من المحتوى تتطلب تفاعلاً مختلفًا عن وسائل الإعلام التقليدية.
ترامب في مواجهة جمهور غير متوقع
ورغم أن حساب البيت الأبيض أُطلق ضمن محاولة للوصول إلى الجمهور الأصغر سنًا على المنصة، فإن رد الفعل السلبي كشف عن مدى انقسام الرأي العام الرقمي، خصوصًا بين من يرى في ترامب رمزًا للسلطوية والانقسام، وبين مؤيديه الذين ما زالوا يرون فيه زعيمًا يعبر عن القيم الأمريكية التقليدية.
ويعكس هذا الصدام الرقمي أيضًا مدى التحدي الذي تواجهه إدارة ترامب في خوض معركة التأثير الإعلامي عبر المنصات الاجتماعية، خاصة أن تيك توك أصبح اليوم من المصادر الأساسية للأخبار والنقاش السياسي لدى ملايين الأمريكيين.
اقرأ أيضا.. أوروبا تضغط على إسرائيل.. وترامب يرفض الانضمام للجهود الدولية