اختتم الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته التاريخية إلى المملكة المتحدة بتوقيع اتفاقية تكنولوجية واسعة النطاق مع رئيس الوزراء كير ستارمر، في خطوة أكدت قوة التحالف بين البلدين على الرغم من بعض الخلافات في ملفات السياسة الخارجية.
وتوّجت الشراكة التكنولوجية عبر الأطلسي سلسلة من الإعلانات الاستثمارية الكبرى في بريطانيا، شملت التزام شركة مايكروسوفت بضخ 30 مليار دولار حتى عام 2028 لتطوير بنية تحتية سحابية ومشاريع في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب استثمار بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني من شركة إنفيديا في شركة إنسكايل البريطانية، فضلاً عن مشروع لتشييد أكبر حاسوب فائق في المملكة المتحدة يعمل على أكثر من 23 ألف شريحة.
ووصف ستارمر هذه الصفقات بأنها أكبر حزمة استثمارية من نوعها في تاريخ البلاد، مشيراً إلى ما تحمله من فرص للنمو وخلق وظائف جديدة.
تجديد العلاقات الخاصة رغم الخلافات
خلال مؤتمر صحافي مشترك في مقر تشيكرز الريفي، شدد الزعيمان على متانة العلاقات الثنائية، حيث اعتبر ترامب أن الزيارة تمثل “شرفاً رفيعاً”، مشيداً بقدرة ستارمر على التفاوض في إبرام أول صفقة جمركية مع الولايات المتحدة.
ويعد ترامب الرئيس الأميركي الوحيد الذي تحظى زياراته لبريطانيا بصفة “زيارة دولة” لمرتين، بعد الأولى التي أجراها عام 2019. من جانبه، أكد ستارمر أن الشراكة الجديدة تمثل تجديداً لـ”العلاقة الخاصة” لعصر جديد، لافتاً إلى أنها تهدف لتحقيق النمو وخفض الفواتير وزيادة الدخل المتاح للمواطنين.
ورغم الأجواء الإيجابية، تخللت المؤتمر أسئلة محرجة حول علاقة الدوائر المقربة من ترامب برجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين المدان في قضايا جنسية، إلا أن الأجواء الودية طغت على المشهد.
الحروب الخارجية محور النقاش
هيمنت قضايا الحرب في أوكرانيا وغزة على جزء كبير من المحادثات بين ترامب وستارمر، فقد أكد رئيس الوزراء البريطاني ضرورة تكثيف الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبراً أن سلوكه لا يعكس رغبة في تحقيق السلام.
أما ترامب، فأبدى خيبة أمله من صعوبة إنهاء الحرب الأوكرانية، مؤكداً أن بوتين “خذله”، في وقت ذكّر فيه بإنهاء سبع حروب خلال فترة رئاسته السابقة.
وبشأن الشرق الأوسط، برز خلاف بين الطرفين حول مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية، حيث أعلن ترامب معارضته لذلك، فيما شدد ستارمر على أن الطرفين متفقان على ضرورة إحلال السلام ووضع خريطة طريق لوقف النزاع، نافياً أن يكون توقيت اتخاذ قرار بهذا الشأن مرتبطاً بزيارة ترامب إلى بريطانيا.
كما كشف الرئيس الأميركي عن محاولات لإعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، مشيراً إلى أهميتها الاستراتيجية لقربها من الصين.
قضايا داخلية واستقبال ملكي رسمي لترامب
في الشأن الداخلي، تناول الزعيمان قضايا حرية التعبير والهجرة، حيث أكد ستارمر أن بريطانيا تحمي هذه الحرية مع وضع حدود واضحة ضد التحريض على العنف، فيما شدد ترامب على أن الهجرة غير النظامية تهدد استقرار الدول من الداخل، ملمحاً إلى إمكانية استخدام الجيش لوقفها.
وجاء المؤتمر الصحافي بعد استقبال ملكي رسمي حافل حظي به الرئيس الأميركي في قلعة ويندسور، حيث رحّب الملك تشارلز الثالث بالتزام ترامب تجاه إنهاء النزاعات العالمية خلال مأدبة عشاء رسمية.
وفي ختام زيارته، وصف ترامب التكريم الذي حظي به بأنه “أحد أسمى محطات حياته”، مؤكداً أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة “نغمتان في وتر واحد” يجب أن تعزفا معاً.
اقرأ ايضًا…إنقطاع الاتصالات يعزل غزة وسط توغل بري إسرائيلي وتصعيد عسكري مكثف