يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من آلام العمود الفقري وأسفل الظهر، التي تُعد من أكثر اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي شيوعاً، كما تعتبر أحد أبرز أسباب الإعاقة وفقدان الإنتاجية.
وفي محاولة لإيجاد حلول مبتكرة لهذه المشكلة الصحية المزمنة، طوّر فريق من الباحثين في جامعة فلوريدا أتلانتيك ومعهد ماركوس لعلوم الأعصاب في مستشفى بوكا راتون الإقليمي التابع لمؤسسة “بابتيست هيلث”، نظاماً ثورياً يجمع بين الذكاء الاصطناعي والميكانيكا الحيوية لإنشاء نماذج افتراضية دقيقة للعمود الفقري القطني، تحاكي حركته وتكشف مناطق الضغط الميكانيكي المسببة للألم أو الخلل الوظيفي.
ثورة في تحليل العمود الفقري
يمثل هذا النظام أول خط مؤتمت بالكامل لتحليل العناصر المحدودة الخاصة بالعمود الفقري، إذ يدمج أدوات التعلم العميق مثل nnUNet وMONAI مع برامج المحاكاة البيوميكانيكية المتقدمة مثل GIBBON وFEBio.
وأظهرت الدراسة أن التقنية الجديدة قلّصت زمن إعداد النماذج بنسبة 97.9%، حيث انخفض الوقت من أكثر من 24 ساعة إلى نحو 31 دقيقة فقط، دون التأثير على مستوى الدقة.
ويتيح ذلك للأطباء إجراء محاكاة شخصية وسريعة، تدعم التخطيط الجراحي وتحسّن عمليات زراعة العمود الفقري، إلى جانب المساهمة في الكشف المبكر عن الأمراض التنكسية التي تصيب العمود الفقري.

محاكاة دقيقة ونتائج واعدة
أثبتت الاختبارات أن العمود الفقري الافتراضي استجاب تماماً مثل العمود الفقري البشري الحقيقي، سواء في حركة الأقراص أو شد الأربطة أو التغيرات الناتجة عن الانحناء والتمدد. ووفقاً للدكتور ماوهوا لين، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة فلوريدا أتلانتيك، فإن “النهج المطور قادر على تحويل صور الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي مباشرة إلى نماذج دقيقة للغاية للعمود الفقري، مصممة خصيصاً لكل مريض على حدة”، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة في مجال التشخيص والعلاج.
دعم للجراحة وتكامل بين الطب والهندسة
من جانبه، أكد الدكتور فرانك د. فريونيس، رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في معهد ماركوس، أن النمذجة الآلية للعمود الفقري القطني تُحدث فارقاً كبيراً في التخطيط للعمليات الجراحية، حيث تساعد في التنبؤ بالمضاعفات، وتحسين تصميم الزرعات، وتقليل المخاطر الجراحية، مع تعزيز سرعة القرار الطبي ودقته.
كما شددت الدكتورة ستيلا باتالاما، عميدة كلية الهندسة وعلوم الحاسوب بجامعة فلوريدا أتلانتيك، على أن النتائج تبرز الإمكانات الكبيرة للتكامل بين الطب والهندسة، مضيفة أن “هذا العمل لا يوسع حدود الابتكار فحسب، بل يقدم حلولاً عملية تحسن حياة المرضى وتعيد تعريف رعاية العمود الفقري في المستقبل”.
اقرأ ايضًا…اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد التهديدات الإرهابية عبر مواقع التواصل
