الحشرة الجاسوسة.. في زاوية خفية من مختبر متقدم، كانت يرقة صغيرة تتحرك داخل أنبوب زجاجي. لم تكن يرقة عادية، بل بداية لمشروع تجسس بالغ الدقة، حيث يتم زرع شريحة إلكترونية في جسدها النامي، في انتظار أن تتحول إلى ذبابة أو صرصور يمكن توجيهه عن بعد، للتسلل إلى أماكن لا يمكن للبشر أو الكاميرات اختراقها.
الحشرة الجاسوسة
الحشرة الجاسوسة.. قد تبدو الفكرة وكأنها مشهد من فيلم خيال علمي، لكنها اليوم واقع فعلي في ساحة الحروب الاستخباراتية. تُعرف هذه الكائنات بـ”الحشرات السيبرانية” – جواسيس مجنحة تحمل في داخلها كاميرات ميكروية، ميكروفونات حساسة، وأجهزة إرسال لاسلكيّة مشفّرة. تُزرع الشرائح الإلكترونية بدقة مذهلة في الجهاز العصبي أو العضلي، مما يتيح للعلماء التحكم في اتجاه طيرانها أو حركتها داخل المساحات الضيقة.
في أحد أروقة وكالة DARPA الأمريكية، لا تُربى الحشرات فقط، بل يُعاد تصميمها بيولوجيًا، لتولد وهي تحمل تقنيات مراقبة، في ما يشبه ثورة في عالم التجسس. الذباب، اليعاسيب، الصراصير… كل منها صار وسيلة للاختراق والتسجيل والنقل الفوري للبيانات.
صرصور بكاميرا وذبابة بميكروفون
خلف هذه التكنولوجيا المذهلة، يكمن تهديد حقيقي. من سيوقف ذبابة لا تُرى وهي تنقل أسرار الاجتماعات المغلقة؟ من يكشف صرصورًا يجلس على حافة طاولة نقاش حكومي حساس؟ الخصوصية هنا تصبح مفهومًا هشًا، يمكن اختراقه دون أن نلاحظ.
في مصر وغيرها من الدول، يدور الجدل الآن حول إمكانية الحماية من هذه الأدوات. لا أجهزة التنصت التقليدية، ولا الكاميرات المخبأة، يمكنها منافسة حشرة تبدو بريئة. فقط باستخدام أجهزة تشويش متقدمة أو تقنيات الكشف الحيوي، يمكن محاولة صد هذه الكائنات الجاسوسة.