أعلن بنك الشعب الصيني، وهو البنك المركزي للبلاد، يوم الاثنين، قراره الإبقاء على أسعار الفائدة القياسية المرتبطة بالسوق دون أي تغيير مقارنة بالشهر السابق.
ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها إشارة واضحة إلى رغبة بكين في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تقلبات واسعة، وتتصاعد الضغوط على الاقتصاد الصيني بفعل التحديات الداخلية والخارجية.

وأوضح “المركز الوطني لتمويل الإنتربنك” أن سعر الفائدة الأساسي للقروض لأجل عام واحد، والذي يُستخدم كمرجع رئيسي لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سيبقى عند مستوى 3%.
كما استقر سعر الفائدة الأساسي للقروض لأجل خمس سنوات، والذي يمثل المعيار الأهم لتسعير القروض العقارية، عند مستوى 3.5%.
ويؤكد هذا التثبيت أن السلطات النقدية تفضّل في هذه المرحلة دعم استقرار الأسعار والحفاظ على تدفق التمويل بتكلفة منخفضة بدلًا من الدخول في دورة جديدة من الخفض.
دعم مباشر للأسر والشركات
أشارت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى أن أسعار الفائدة الأولية تعكس بشكل مباشر تكلفة التمويل بالنسبة للأسر والشركات، الأمر الذي يجعل أي تغيير فيها ذا تأثير واسع على الاستهلاك والاستثمار.
اقرأ أيضًا
شركات التكنولوجيا في مأزق بعد قرار ترامب برفع تكلفة تأشيرات H-1B
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار الفائدة المنخفضة يسهم في تقليل الأعباء المالية على المقترضين، سواء كانوا شركات صناعية تبحث عن التوسع والإنتاج أو أسرًا تسعى لشراء منازل جديدة عبر قروض عقارية.
ويهدف هذا التوجه إلى إعطاء دفعة قوية للنشاط الاقتصادي المحلي، خاصة في ظل محاولات الحكومة الصينية إنعاش سوق العقارات المتباطئ، وتعزيز ثقة المستثمرين بعد فترة من التراجع في معدلات النمو.
بيانات اقتصادية حديثة
بحسب أحدث الأرقام الرسمية، بلغ متوسط سعر الفائدة المرجح للقروض الجديدة الممنوحة للشركات في أغسطس الماضي نحو 3.1%، وهو مستوى منخفض بنحو 40 نقطة أساس مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما انخفضت أسعار الفائدة على القروض العقارية الشخصية الجديدة إلى حوالي 3.1%، بانخفاض قدره 25 نقطة أساس على أساس سنوي.
هذه المؤشرات تعكس نجاح السياسات النقدية التيسيرية في تخفيض تكلفة الاقتراض وتعزيز قدرة القطاع الخاص على الاستفادة من التمويل منخفض التكلفة.
خلفية وسياسات متوازنة
يأتي قرار تثبيت أسعار الفائدة في إطار نهج حذر يتبناه البنك المركزي الصيني، الذي يحاول الموازنة بين الحاجة إلى تحفيز النمو الاقتصادي من جهة، والحفاظ على استقرار العملة الوطنية “اليوان” من جهة أخرى.
فخفض أسعار الفائدة بشكل متكرر قد يؤدي إلى ضغوط على العملة ويزيد من مخاطر خروج رؤوس الأموال، في حين أن الإبقاء عليها منخفضة عند مستويات مستقرة يمنح الاقتصاد فترة من “التنفس” دون التسبب في تقلبات كبيرة.
ويرى محللون أن الصين، في ظل المنافسة التجارية مع الولايات المتحدة والركود الذي يواجهه قطاع العقارات، تعتمد على أدوات متنوعة مثل تخفيض نسب الاحتياطي الإلزامي للبنوك، وتوسيع الإنفاق الحكومي، إلى جانب الإبقاء على الفائدة عند مستويات منخفضة لاحتواء المخاطر ودفع عجلة النمو.