أعاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إثارة الجدل مجددًا بتصريحات غير مثبتة طبيًا حول مرض التوحد واستخدام بعض الأدوية واللقاحات، في مشهد يعيد إلى الأذهان تصريحاته المثيرة إبان جائحة كوفيد-19، خاصة تلك التي أشار فيها إلى إمكانية حقن الجسم بالمطهّرات.
جاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي مطول عقده، يوم الإثنين، من البيت الأبيض، وتطرق فيه إلى مسائل صحية حساسة، لا سيما العلاقة المزعومة بين اللقاحات ومرض التوحد، في ظل استعداد وزير الصحة الأمريكي لنشر تقرير مثير للجدل بشأن هذا المرض.

تايلينول والتوحد.. “شائعات” على لسان الرئيس
خلال حديثه، أشار ترامب إلى وجود “شائعات” تفيد بأن كوبا لا تمتلك دواء “تايلينول” بسبب ضعف الإمكانيات الاقتصادية، لافتًا إلى أن البلاد “شبه خالية من التوحد”، في تلميح غير مدعوم علميًا بوجود علاقة بين الدواء وظهور المرض.
وقال ترامب: “لا أعلم إن كانت هذه الشائعة صحيحة أم لا، لكن هناك من يقول إن غياب التايلينول في كوبا مرتبط بانخفاض معدلات التوحد”.
“الأميش لا يعانون التوحد”؟.. نظريات بلا أدلة
ولم تتوقف تصريحات الرئيس عند هذا الحد، حيث أشار إلى أن طائفة الأميش المعروفة بنمط حياتها التقليدي ورفضها للتكنولوجيا والطب الحديث “لا تعاني من مرض التوحد على الإطلاق”، بحسب زعمه، دون تقديم أي دلائل علمية.
وحين التفت إلى وزير الصحة، روبرت كينيدي جونيور، المعروف بمواقفه المشككة في اللقاحات، قال: “بوبي يريد أن يكون حذرًا في ما يقوله.. أما أنا، فلست كذلك”.
ترامب يعترف: “أنا لست طبيبًا.. فقط أعبّر عن رأيي”
رغم ثقته الواضحة في ما يقوله، أقرّ ترامب بأن تصريحاته لا تستند إلى اختصاص طبي، بل إلى “شعور شخصي”، مضيفًا: “أنا لست طبيبًا، لكنّي أعطي رأيي.. هذا يعتمد على ما أشعر به”.
وأشار إلى أنه يدعو إلى زيادة الفواصل الزمنية بين لقاحات الأطفال، منتقدًا البروتوكولات الطبية الحالية التي تُعد حجر الزاوية في الصحة العامة على مستوى العالم منذ عقود.
دعوة الحوامل إلى تجنّب التايلينول.. بلا بدائل واضحة
من التصريحات التي أثارت استهجانًا واسعًا، دعوته النساء الحوامل إلى عدم استخدام دواء “تايلينول” رغم الآلام، قائلاً إن “مخاطره مرتفعة”، دون أن يقدم بدائل أو حلولًا طبية في حالات مثل الحمى الشديدة التي قد تؤثر على الأم والجنين.
نظريات مكررة من عهد كوفيد: مطهّرات وحقن داخل الجسم
استحضرت وسائل إعلام أمريكية التصريحات التي أدلى بها ترامب عام 2020، خلال جائحة كورونا، حين اقترح إدخال المطهّرات إلى الجسم لمحاربة الفيروس، متسائلًا آنذاك: “هل هناك طريقة يمكننا من خلالها فعل شيء مماثل عن طريق الحقن بالداخل؟”.
كما دعم حينها استخدام أدوية غير مثبتة مثل هيدروكسيكلوروكين، ورفض الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامات والإغلاق العام.
وزير على شاكلته: روبرت كينيدي جونيور يعمّق الجدل
من المثير للانتباه أن وزير الصحة الحالي، روبرت كينيدي جونيور، الذي اختاره ترامب خلال ولايته الثانية، يُعرف هو الآخر بموقفه المشكك تجاه اللقاحات، وتسبّبت مشاركته في المؤتمر الأخير في تعزيز الجدل الدائر بشأن توجه الإدارة الصحية الأمريكية المقبلة.
اقرأ أيضًا:
تنظيف الأسنان قد يحمي من سرطان البنكرياس.. دراسة صادمة تكشف الرابط
لقاحات الأطفال واستهداف البروتوكولات الصحية الراسخة
عاد ترامب لانتقاد بروتوكولات تطعيم الأطفال، داعيًا إلى تأجيل لقاح التهاب الكبد الوبائي ب حتى سن 12 عامًا، وقال: “ينتقل المرض عن طريق الاتصال الجنسي.. لا يوجد سبب لإعطائه لطفل حديث الولادة”.
ووصف أساليب التطعيم الحديثة بأنها “ضخ مواد كثيرة” في الأطفال، وأضاف بأسلوبه المثير للجدل: “يبدو الأمر كما لو أنهم يضخّون في حصان”.
ردود فعل علمية وسياسية مرتقبة
من المتوقع أن تثير هذه التصريحات ردود فعل قوية من الأوساط الطبية والعلمية، خاصة مع تكرار استخدام منصة رئاسية لنشر معلومات طبية مضللة أو غير دقيقة.
كما يُتوقع أن تُسهم هذه التصريحات في تعميق الانقسام داخل المجتمع الأمريكي حول اللقاحات والصحة العامة، وهي قضايا باتت مركزية في المشهد السياسي مع اقتراب الانتخابات.