كشفت مصادر عن تكثيف الإدارة الأميركية ضغوطها على كل من سوريا وإسرائيل من أجل التوقيع على اتفاق أمني شامل خلال يومي الأربعاء أو الخميس، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حسب ما أعلنت شبكة سكاي نيوز عربية وفقًا لمصادرها الخاصة.
وتتركّز المفاوضات، بحسب المصادر، على ضبط تحركات الجيش السوري في الجنوب السوري، واستبداله بقوات الأمن الداخلي فقط، إلى جانب سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة. وتشمل الترتيبات كذلك ضغطاً دولياً على الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، من أجل القبول بإدخال قوات الأمن الداخلي المشكلة حديثاً بقيادة سليمان عبد الباقي.

بنود أمنية حساسة لصالح إسرائيل
وأفادت المصادر أن المفاوضات تتطرق أيضاً إلى منح إسرائيل حرية استخدام الأجواء السورية بما يتيح لها حركة أكثر مرونة في مواجهة النفوذ الإيراني، إضافة إلى مطالب إسرائيلية بالاحتفاظ بموقعي مرصد الرادار في جبل الشيخ وتل الحارة جنوبي سوريا.
في المقابل، تأمل دمشق أن يؤدي الاتفاق إلى وقف الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة وانسحاب القوات الإسرائيلية التي توغلت داخل الجنوب السوري بعد سقوط نظام الأسد.
سوريا في الأمم المتحدة لأول مرة منذ 6 عقود
ويأتي ذلك بينما يزور الرئيس السوري أحمد الشرع نيويورك حالياً، في أول مشاركة لرئيس سوري في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ نحو ستين عاماً.
وقد التقى الشرع، الإثنين، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، حيث ناقشا جهود مكافحة الإرهاب الجارية، والبحث عن الأميركيين المفقودين في المنطقة، إضافة إلى أهمية العلاقات السورية الإسرائيلية لتحقيق قدر أكبر من الاستقرار الإقليمي، وفق ما صرّح به نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت.
واشنطن تضغط.. ودمشق تبدي تحفظات
ووفقاً لوكالة رويترز، فإن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لإتمام الاتفاق الأمني خلال اجتماعات الجمعية العامة هذا الأسبوع، باعتباره خطوة نحو إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد.
ورغم ذلك، تبقى انعدام الثقة المتجذر بين دمشق وتل أبيب عقبة أساسية أمام التوصل إلى تسوية نهائية. وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن المحادثات بلغت “مرحلة متقدمة”، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن يحفظ أي اتفاق سيادة سوريا ويأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية لإسرائيل.
اقرأ أيضًا:
السلام مجرد وهم.. تصريحات حادة لتوم باراك حول جهود التهدئة بالمنطقة في ظل استمرار حرب غزة
المواقف الأميركية والإسرائيلية
في السياق ذاته، صرّح السيناتور الأميركي لينزي غراهام، أحد أبرز حلفاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أنه سيدعم إلغاء العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا إذا مضت حكومة الشرع قدماً في توقيع اتفاقية أمنية جديدة مع إسرائيل.
غير أن الشرع أبدى تحفظاً واضحاً على مسألة التطبيع قائلاً: “الغضب من احتلال إسرائيل لأراض سورية سيؤثر على موقف دمشق من إسرائيل. إسرائيل أجرت تقدماً على الأراضي السورية ويجب أن تعود إلى ما كانت عليه في السابق. إذا كانت لديها مخاوف أمنية فيمكن مناقشتها عبر وسطاء إقليميين ودوليين مثل الولايات المتحدة”.
كما أشار الشرع إلى أن ما ستكشفه المرحلة المقبلة هو ما إذا كانت إسرائيل تتحرك بدافع المخاوف الأمنية أم أنها تسعى إلى أطماع توسعية في سوريا، مؤكداً أن التزام تل أبيب ببنود الاتفاق قيد التفاوض سيكون الاختبار الحقيقي للنوايا.
تشير هذه التطورات إلى أن الأزمة السورية الإسرائيلية تدخل منعطفاً جديداً، مع ضغوط أميركية غير مسبوقة لإبرام اتفاق أمني قد يغيّر ملامح المشهد الإقليمي. وبينما تسعى دمشق للحصول على ضمانات توقف الغارات الإسرائيلية وتحافظ على السيادة السورية، تركز إسرائيل على ترسيخ مكاسبها الاستراتيجية في الجنوب السوري ومواجهة النفوذ الإيراني.
وفي ظل استمرار المفاوضات في أجواء مشحونة بالشكوك، يظل السؤال الأبرز: هل تنجح واشنطن في إقناع الطرفين بالتوقيع على اتفاق تاريخي يعيد رسم خريطة الأمن في المنطقة، أم أن الخلافات العميقة ستؤجل الحسم مجدداً؟