استخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطابه الأول في ولايته الثانية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة للهجوم على القيم العالمية التي تنادي بها المنظمة الدولية، موجهاً انتقادات حادة لفشلها في منع النزاعات، ومطالباً بوقف الحرب في غزة بشكل فوري مع إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

كما انتقد الاعترافات التاريخية بدولة فلسطين التي صدرت عن عدد من الدول الغربية خلال الأيام الماضية، مؤكداً أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وواصفاً قضية تغيّر المناخ بأنها «خدعة».

وتحدث ترامب بنبرة هجومية تجاه الهجرة غير المنضبطة، قائلاً إنها ستؤدي إلى «موت أوروبا»، وداعياً الزعماء الأوروبيين إلى مواجهتها بصرامة.

عودة ترامب إلى المنبر الأممي

ألقى ترامب خطابه أمام عشرات من رؤساء الدول والحكومات ومئات المسؤولين الكبار الذين حضروا اليوم الأول من الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة الثمانين للجمعية العامة.

وأثناء كلمته، مازح الحضور بعدما تعطّل جهاز التلقين قائلاً إن «المسؤول عنه في ورطة كبيرة»، قبل أن يستأنف قراءة خطابه المكتوب.

وأكد أن أميركا «تعيش عصرها الذهبي» بفضل قوة اقتصادها وحدودها وجيشها وعلاقاتها الدولية، مهاجماً إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي وصف سنواتها الأربع بأنها «عصر الفوضى والتطرف».

كما استعرض ما اعتبرها إنجازات بارزة لإدارته خلال أشهر قليلة، بينها إنهاء سبع حروب، وبناء علاقات أوثق مع دول الخليج، وتوقيع اتفاقيات تجارية مع العديد من الدول حول العالم.

ترامب يفتح الملف الإيراني وحرب غزة

شدّد ترامب على أن إيران تمثل التهديد الأكبر للأمن العالمي، مؤكداً أن إدارته نفّذت عملية عسكرية ضخمة ضد منشآت نووية إيرانية وأحرزت «نجاحاً كاملاً».

وقال إن الولايات المتحدة لن تسمح لطهران بامتلاك أخطر سلاح في العالم، وانتقل للحديث عن حرب غزة، فاتهم حركة «حماس» برفض جميع عروض السلام، وهاجم الاعترافات الدولية بدولة فلسطين معتبراً أنها «مكافأة للإرهاب».

وأضاف: «بدلاً من الاستجابة لمطالب حماس، يجب أن نتحد جميعاً على رسالة واحدة: أطلقوا الرهائن الآن».

وأصرّ على ضرورة وقف الحرب فوراً، مؤكداً أن السلام لن يتحقق إلا بالضغط الموحد على الأطراف المتورطة.

الهجرة وأوروبا على المحك

هاجم ترامب سياسات الهجرة في أوروبا، قائلاً إن تدفق المهاجرين غير الشرعيين يهدد بانهيار دول مثل ألمانيا والنمسا واليونان وسويسرا.

وحذّر من أن الهجرة غير المنضبطة ستقود إلى «موت أوروبا الغربية»، داعياً القادة الأوروبيين إلى محاكاة سياساته الصارمة في ضبط الحدود.

وربط بين الهجرة والجريمة المنظمة، مشيراً إلى أن عصابات تهريب المخدرات مثل «ترين دي أراغوا» الفنزويلية تستغل المهاجرين في تهديد استقرار الدول.

كما استعرض رؤية بلاده للاحتفال بالذكرى الـ250 لاستقلال الولايات المتحدة العام المقبل، معتبراً أن هذا الحدث يمثل فرصة لإبراز «معجزات التاريخ الأميركي».

انتقادات للأمم المتحدة ودعوات لمكافحة الأسلحة

لم يستثني ترامب الأمم المتحدة من انتقاداته، واعتبر أنها «تفشل في أداء دورها» وتكتفي بـ«الكلمات الجوفاء» دون حلول عملية.

وقال إن المنظمة كثيراً ما تهدر الموارد، مستشهداً بتكاليف ترميم مبناها في نيويورك. وفي المقابل، دعا إلى تعاون دولي لإنهاء تطوير الأسلحة النووية والبيولوجية، محذراً من تكرار كوارث مثل جائحة «كوفيد 19».

وأعلن أن إدارته ستقود مبادرة دولية لتطبيق اتفاقية الأسلحة البيولوجية من خلال نظام تحقق قائم على الذكاء الاصطناعي، آملاً أن تضطلع الأمم المتحدة بدور فعّال في هذا المشروع.

القضايا الدولية واللقاءات الجانبية

أكد ترامب أنه يعمل على وقف الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى علاقته الجيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومشدداً على أن النزاع لم يكن ليبدأ لو كان رئيساً آنذاك.

وانتقد دول «الناتو» لعدم تخليها عن الطاقة الروسية بالقدر الكافي، ملوحاً بفرض رسوم جمركية قوية لإجبار موسكو على وقف الحرب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وعلى هامش الاجتماعات، التقى ترامب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب عدد من القادة العرب من السعودية وقطر ومصر والإمارات والأردن.

مداخلات غوتيريش وبايربوك وإردوغان

في افتتاح الجلسة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المنظمة تمثل «بوصلة أخلاقية» لكنها تواجه تحديات هائلة في عصر «الاضطرابات المتهورة والمعاناة الإنسانية المتواصلة»، داعياً إلى إنهاء الحرب في غزة عبر تطبيق قرارات محكمة العدل الدولية.

كما انتقد الانتهاكات الجارية في السودان، وشدد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وتحدثت رئيسة الجمعية العامة أنالينا بايربوك عن غياب المرأة عن منصبها منذ تأسيس الأمم المتحدة، متسائلة عن غياب التمثيل النسائي رغم وجود مليارات المرشحات المحتملات.

كما دعا الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى تعزيز سلطة المنظمة الدولية، فيما شدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على ضرورة الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً أن «الإبادة الجماعية مستمرة في غزة حتى ونحن نجتمع هنا».

اقرأ ايضًا…تحقيق لـ الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لضم غزة والضفة الغربية