أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام قادة العالم في الاجتماع السنوي رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة أن العالم يمر بما وصفه بـ”أكثر سباق تسلح مدمر في التاريخ البشري”، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل ضد روسيا.
وأوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى توسيع حربه في أوروبا، محذرًا من أن المؤسسات الدولية الضعيفة، بما فيها الأمم المتحدة، أثبتت عجزها عن وقف الحروب في أوكرانيا وغزة والسودان وغيرها، وأن القانون الدولي لم يعد قادرًا على ضمان بقاء الدول.
وأضاف: “الأسلحة هي التي تحدد من ينجو، فلا توجد ضمانات أمنية سوى الأصدقاء والسلاح”.
جاء خطاب زيلينسكي بعد يوم واحد من لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن دعمه لجهود أوكرانيا وانتقد روسيا، مشيرًا إلى أن كييف قادرة على استعادة جميع الأراضي التي فقدتها منذ الغزو الروسي في فبراير 2022، في تحول لافت بموقفه بعد أن كان يدعو سابقًا أوكرانيا لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب.
واكتفى زيلينسكي بوصف لقائه بترامب وغيره من القادة بأنه “جيد”، مؤكدًا: “معًا يمكننا تغيير الكثير”، ودعا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إدانة روسيا طالما استمرت في إطالة أمد الحرب.
تحذيرات من توسع الحرب الروسية في أوروبا
حذر زيلينسكي من أن عدم وقف بوتين الآن سيؤدي إلى استمرار الحرب بشكل “أوسع وأعمق”، مشيرًا إلى أن الطائرات المسيّرة الروسية بدأت بالفعل في التحليق فوق دول أوروبية وأن العمليات الروسية آخذة في التمدد عبر عدة بلدان.
وأبدى قلقه بشكل خاص بشأن مولدوفا، مؤكدًا أن هذا البلد الصغير يواجه محاولات متجددة من روسيا للتدخل في شؤونه الداخلية، وأنه لا ينبغي السماح له بالوقوع في دائرة التبعية الروسية على غرار جورجيا وبيلاروسيا.
وشدد على أن أوروبا لا يمكنها تحمل خسارة مولدوفا أيضًا، داعيًا إلى تقديم دعم مالي وطاقي لها وليس مجرد “إيماءات سياسية”.
كما لفت الرئيس الأوكراني إلى أن تطور الأسلحة، وخصوصًا الطائرات المسيّرة، يفوق قدرة الدول على حماية نفسها، موضحًا أن عشرات الآلاف باتوا يمتلكون خبرة في استخدامها للقتل.
وأشار إلى أن بعض المطارات الأوروبية أُجبرت مؤخرًا على الإغلاق بسبب هجمات المسيّرات، في حين أعلنت كوريا الشمالية اختبار طائرة مسيّرة تكتيكية، ما يعكس خطورة انتشار هذه التكنولوجيا حتى لدى الدول ذات الموارد المحدودة.
الذكاء الاصطناعي يدخل سباق التسلح
اعتبر زيلينسكي أن العالم يشهد الآن سباق تسلح غير مسبوق، إذ يشمل الذكاء الاصطناعي الذي يسرّع من وتيرة التطوير العسكري.
وقال إن شركات بدأت بالفعل في إنتاج مسيّرات قادرة على إسقاط مسيّرات أخرى، متوقعًا أن تصبح المعارك بين الطائرات المسيّرة أمرًا واقعًا في المستقبل القريب، مع إمكانية أن تهاجم البنى التحتية الحيوية والناس بشكل ذاتي بالكامل دون تدخل بشري مباشر سوى من قلة تتحكم بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وطالب بوضع قواعد دولية واضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسلحة، معتبرًا أن الأمر لا يقل إلحاحًا عن منع انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف أن إيقاف روسيا الآن سيكون أقل تكلفة من محاولة حماية كل ميناء ومطار وسفينة من هجمات المسيّرات، وأرخص من بناء مدارس ومستشفيات تحت الأرض كما اضطرت أوكرانيا إلى فعل ذلك.
وأكد أن الخطر الحقيقي يكمن في سباق محتمل نحو إنتاج مسيّرات تحمل رؤوسًا نووية، وهو ما يستدعي تحركًا جماعيًا عاجلًا لوقف المعتدي قبل أن تتحول هذه المنافسة العسكرية إلى كارثة تهدد البشرية جمعاء.
أوكرانيا تعيد بناء هيكلها الأمني
وفي ختام كلمته، شدد زيلينسكي على أن بلاده، رغم افتقارها للصواريخ الضخمة التي تستعرضها “الأنظمة الديكتاتورية” في العروض العسكرية، تمكنت من إنتاج مسيّرات قادرة على الطيران لمسافة تتراوح بين 2000 و3000 كيلومتر واستُخدمت بالفعل ضد روسيا.
وأوضح أن أوكرانيا تبني حاليًا بنية أمنية جديدة تضم أكثر من 30 دولة، كما فتحت الباب أمام تصدير الأسلحة، مؤكدًا أن هذه الأنظمة أثبتت فعاليتها في حرب حقيقية في وقت أخفقت فيه المؤسسات الدولية في أداء دورها.
وأكد أن هذا التعاون يشكل خطوة محورية نحو صياغة نظام أمني عالمي أكثر صلابة قادر على مواجهة التحديات المقبلة.
اقرأ ايضًا…إيران تنفي وجود مفاوضات مع واشنطن بشأن برنامجها النووي