أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن القضية الفلسطينية تأتي في صدارة أولويات السياسة المصرية، مشددًا على وجود موقف عربي وإسلامي موحد يدعم رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحقيق السلام والأمن في المنطقة.
جاء ذلك في لقاء مع قناة سكاي نيوز عربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث شدد الوزير على أن أي حل دائم يمر عبر تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

القاهرة والملف الفلسطيني
قال عبد العاطي إن اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدد من القادة العرب والمسلمين كان «مهماً للغاية ومشجعاً»، لافتًا إلى أن ترامب تحدث عن كونه «رئيس السلام» والقادر على وقف ما وصفه الوزير بـ«العدوان الغادر على الشعب الفلسطيني».
وأضاف: «نأمل أن تترجم تصريحات الرئيس الأميركي إلى خطوات عملية توقف الحرب في قطاع غزة وتعيد الأمن والاستقرار إلى المنطقة».
وشدد الوزير على ضرورة وقف «المجاعة التي تسببت بها القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات»، وإنهاء «القتل الممنهج» بحق المدنيين الفلسطينيين، معبرًا عن «تفاؤل حذر» بشأن الموقف الأميركي الجديد، شرط وجود إرادة سياسية حقيقية.
أوضح وزير الخارجية المصري أن الورقة الأميركية المطروحة تتضمن «أفكارًا تحتاج إلى تهيئة الظروف لتنفيذها على الأرض»، رغم أنها قد لا تكون مثالية، مضيفًا أن غطرسة القوة الإسرائيلية وانتهاكها لسيادة الدول العربية لن تحقق الأمن أو الاستقرار.
وأكد أن السبيل الوحيد يتمثل في الاستجابة لتطلعات الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة.

وزير الخارجية المصري يكشف رؤية مصر لمرحلة ما بعد الحرب في غزة
أشار عبد العاطي إلى أن رؤية القاهرة، والتي تحظى بدعم عربي وإسلامي، ترتكز على ثلاث مراحل أساسية بعد وقف إطلاق النار:
الترتيبات الأمنية.
الحوكمة.
إعادة الإعمار.
وكشف عن تدريب مصر لعناصر من الشرطة الفلسطينية بالتنسيق مع الأردن، مع إمكانية نشر قوات دولية بمهام محددة لدعم السلطة الفلسطينية. كما تحدث عن لجنة إدارية من التكنوقراط لإدارة غزة مؤقتًا لحين تمكين السلطة، مؤكدًا أن «أي طرف يرفض السلطة الفلسطينية لا يمكنه فرض إرادته على المجتمع الدولي».
وأعلن الوزير عن نية مصر استضافة مؤتمر دولي في القاهرة خلال الأسابيع المقبلة، يركز على التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، وخاصة في مجالات المساكن سريعة البناء، مياه الشرب، الكهرباء، الصرف الصحي، والعيادات المتنقلة.
العلاقة مع إسرائيل ومعاهدة السلام
أكد عبد العاطي أن مصر ملتزمة بمعاهدة السلام الموقعة عام 1979 «طالما التزم بها الجانب الإسرائيلي»، مشيرًا إلى أن السلام خيار استراتيجي للرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضاف: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، لكننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا وحدودنا».
كما أقر بوجود اتصالات عسكرية وأمنية واستخباراتية يومية مع إسرائيل، واصفًا إياها بأنها «أمور طبيعية».
الدور المصري في الملف الإيراني
فيما يخص الملف الإيراني، شدد وزير الخارجية على أن القاهرة تلعب دورًا مهمًا لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، موضحًا أن جهود الوساطة المصرية أسهمت في التوصل إلى اتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف عمل المفتشين.
ودعا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إعطاء فرصة للدبلوماسية وخفض التصعيد، مؤكدًا وجود استعداد إيراني للتجاوب.
اقرأ أيضًا:
نتنياهو: «سحقنا معظم آلة حماس».. وألحقنا شللًا بحزب الله والحوثيين
إصلاح الأمم المتحدة ودعم فلسطين
أبدى بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري قلقًا من التراجع الذي يشهده النظام متعدد الأطراف، منتقدًا شلل مجلس الأمن والانتهاكات المتكررة للقانون الدولي، وعلى رأسها الانتهاكات الإسرائيلية. وطالب بإصلاح الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن ليشمل تمثيلًا أفضل لإفريقيا، مقترحًا أربعة مقاعد للقارة بينها مقعدان دائمين.

كما شدد على ضرورة حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة بعد الاعترافات الدولية المتزايدة بدولتها، قائلًا: «نضغط في هذا الاتجاه، وهو أمر شديد الأهمية».
حديث وزير الخارجية المصري من نيويورك أعاد التأكيد على ثوابت القاهرة في الملف الفلسطيني: وقف الحرب، دعم السلطة الفلسطينية، والإصرار على حل الدولتين. وبينما تواصل مصر جهودها الدبلوماسية والإغاثية، تسعى في الوقت نفسه لإبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع القوى الإقليمية والدولية، بما يحول دون اتساع رقعة الصراع، ويضمن أمن المنطقة واستقرارها.