يواجه القطاع الصحي في مدينة غزة حالة من الانهيار المتسارع مع استمرار الهجوم البري الإسرائيلي على أكبر مدن القطاع لليوم الرابع عشر على التوالي.
فقد دمرت الغارات الجوية عيادتين، وأجبرت مستشفيين على الإغلاق بعد تعرضهما لأضرار مباشرة، فيما تكاد باقي المستشفيات تتوقف عن العمل بسبب النقص الحاد في الأدوية والمعدات والوقود والغذاء، وأجبرت ظروف القصف الكثير من المرضى والكوادر الطبية على الفرار، تاركين خلفهم أطفالًا في الحاضنات ومرضى في حالات حرجة لا يستطيعون التحرك.
وأفاد أطباء أن القصف والطلقات المحيطة بجدران المستشفيات تجعل الوصول إليها أو مغادرتها محفوفًا بالمخاطر.
مستشفى القدس تحت الحصار
مستشفى القدس، الواقع في الطرف الجنوبي لمدينة غزة، اضطر خلال الأيام الماضية إلى إجلاء معظم مرضاه مع اقتراب القوات الإسرائيلية.
الممرضة الأميركية أندي فوغان، التي تطوعت في المستشفى منذ يوليو الماضي، تحدثت عن حالات مأساوية بينها مريض مصاب بحروق شديدة غطي بجروح ضمادية وألقي في منطقة أنقاض طُلب منه فيها تدبر أمره للوصول إلى عيادة أخرى.
المستشفى الذي كان يستوعب 120 مريضًا لم يعد يضم سوى نحو 20 بينهم طفلان في العناية المركزة، فيما لجأ نحو 60 من الأطباء والممرضين وأسر المرضى إلى الاحتماء بداخله.
ومع انقطاع المياه والكهرباء والأوكسجين، تعرضت محطة الأوكسجين التابعة للمستشفى لإطلاق نار مباشر، ما جعل الوضع أكثر خطورة.
اتهامات متبادلة وتدهور إنساني
تقول السلطات الإسرائيلية إن عملياتها العسكرية تهدف إلى تدمير بنية حركة حماس وتحرير الرهائن الذين اختطفوا في السابع من أكتوبر 2023، مطالبة السكان بمغادرة المدينة نحو الجنوب.
في المقابل، تتهم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، المشرفة على مستشفى القدس، إسرائيل بتطويقه بشكل كامل ومنع حركة المرضى والعاملين، بينما تؤكد منظمات دولية أن المرافق الصحية في غزة تتعرض لهجمات ممنهجة.
إسرائيل بدورها تتهم حماس باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية، لكنها لم تقدم أدلة واضحة. ومع ذلك، تواصل القوات الإسرائيلية قصف الأحياء المحيطة بالمستشفيات، ما جعل الكثير من الطواقم الطبية تخشى الحضور إلى أماكن عملها.
مستشفيات تتفكك وذكريات توثق المأساة
مستشفى الشفاء، الأكبر في غزة، شهد خلال الأسبوع الماضي فرار نحو 100 مريض مع اقتراب الدبابات الإسرائيلية، فيما أوقف العديد من الأطباء الحضور خشية تعرضهم للمداهمات.
في الوقت ذاته، سجلت الممرضة فوغان يوميات مصورة من داخل مستشفى القدس أظهرت فيها مشاهد للقصف وانفجارات تهز جدران المستشفى وأطفالًا يحاولون النجاة وسط الدمار.
إحدى لقطاتها وثقت طفلة في الحاضنة لا يتجاوز عمرها 13 يومًا تراجعت دقات قلبها بشكل خطير مع اهتزاز المبنى جراء انفجار قريب. أما الأجنحة التي كانت مكتظة بالمرضى، فقد تحولت إلى ممرات فارغة بعد أن أجبر القصف الجميع على الفرار.
وفي اليوم الأخير لها داخل المستشفى، انتقلت فوغان إلى الطابق السفلي حفاظًا على سلامتها قبل أن تغادر جنوبًا، بينما بقي زملاؤها محاصرين داخل المبنى.
اقرأ ايضًا…بين الضغوط على نتنياهو وطموحات ترامب: هل تنجح خطة واشنطن لغزة؟