يعرض المخرج والممثل الفلسطيني، إياد حجاج، تجربة سينمائية إنسانية مؤثرة في فيلمه الجديد “قدمي في الجنة”، الذي يحكي قصة الطفلة “سمر” من غزة، والتي تفقد قدمها جراء الحرب، فتظن ببراءتها أن قدمها ذهبت إلى الجنة، الفيلم، الذي صُوّر بالكامل في هوليوود، يفتح نافذة على عالم الطفولة تحت القصف، حيث يواجه الأطفال قسوة الواقع بخيال نقي وأمل باقٍ وسط الركام.

بداية الفكرة: من قصة حقيقية إلى سيناريو سينمائي
يروي إياد حجاج بدايات الفيلم قائلًا إنه استلهم فكرته خلال حوار عابر مع سيدة فلسطينية تحدّثت عن معاناة ابنتها في غزة، تلك القصة، كما قال، “تركت أثرًا عميقًا بداخلي، ولم أستطع تجاهلها”، فور عودته إلى منزله، بدأ حجاج كتابة السيناريو، لكنّ العمل لم يتوقف عند القصة الأولى، إذ دفعه البحث إلى الغوص أكثر في واقع الأطفال في غزة، ليكتشف حجم المآسي اليومية، ومنها عمليات بتر دون تخدير أو أدوات طبية مناسبة، وأضاف: “لم يكن الأمر مجرد إلهام، بل مسؤولية تجاه هؤلاء الأطفال، أن أُحوّل الألم إلى رسالة تصل للعالم كله بلغة السينما”.
تصوير سري ومخاطر سياسية في قلب هوليوود
أشار حجاج إلى التحديات الكبيرة التي واجهته خلال إنجاز الفيلم، خاصة في ظل المناخ السياسي داخل الولايات المتحدة، وقال: “الحديث عن فلسطين وغزة في هوليوود ليس أمرًا سهلًا، بل محفوف بالمخاطر المهنية والشخصية”، مؤكدًا أنه اضطر للعمل بسرّية تامة لحماية نفسه وفريقه، وأضاف أن العثور على طاقم عمل يتوافق مع رؤية الفيلم ويدعم القضية الفلسطينية كان من أصعب المهام، خاصة أن كثيرين في صناعة السينما “لا يشاركون نفس الإيمان بالرسالة، أو قد يكونون مؤيدين للرواية الإسرائيلية”.
اقرأ أيضًا:
افتتاح مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لاهاي: تكريم انتشال التميمي وفلسطين في الواجهة
الواقع يكتب السيناريو.. والأطفال أبطال حقيقيون
لم يكتفِ إياد حجاج بالإخراج والكتابة، بل جسّد أيضًا شخصية الأب في الفيلم، مؤكدًا أن أدائه جاء من معايشة حقيقية لمعاناة أهالي غزة، “لم يكن تمثيلًا، بل صدقًا نابعًا من القلب”، كما قال، وقد استعان حجاج بأطفاله لأداء أدوار البطولة: ابنه أدى دور الشهيد “أحمد”، وابنته جسّدت “سمر”، الطفلة التي تُبتر قدمها، وأوضح أن زيارة عائلية إلى غزة قبل الحرب زرعت فيهم إحساسًا عميقًا بالقضية، وهو ما جعل أدائهم أمام الكاميرا نابضًا بالمشاعر والواقعية.
السينما جسر إنساني ورسالة إلى الغرب
يرى حجاج أن السينما أداة قوية لنقل المعاناة الفلسطينية، خاصة للجمهور الغربي، الذي لا يطّلع على تفاصيل الحياة اليومية في غزة، وأكد أن الفيلم يسلّط الضوء على اللحظات الإنسانية داخل المنازل، بعيدًا عن تغطيات الأخبار، وأضاف: “الفيلم لا يخاطب السياسيين، بل الناس العاديين في بيوتهم، ليشعروا بما يعيشه أطفال غزة من حرمان وألم.. السينما يمكن أن تُحدث فرقًا عندما تحكي قصة إنسانية صادقة”.