رفع البنك الدولي توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان خلال عام 2025، مشيرًا إلى مؤشرات انتعاش نسبي في بعض الاقتصادات، رغم استمرار تأثير الصراعات الإقليمية وتراجع إنتاج النفط في عدد من الدول.
وقال البنك، ومقره واشنطن، في تقريره الصادر اليوم الثلاثاء، إنه يتوقع أن يبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة 2.8% خلال عام 2025، مقارنةً بتقديرات سابقة عند 2.6%.

انتعاش اقتصادي في دول الخليج
وأوضح التقرير أن التحسن في التوقعات يعود إلى النشاط الاقتصادي القوي في دول الخليج، بفضل الإلغاء الأسرع من المتوقع لتخفيضات إنتاج النفط، إلى جانب النمو الملحوظ في القطاعات غير النفطية مثل السياحة، والخدمات، والتكنولوجيا.
وأشار البنك إلى أن زيادة الاستثمارات الحكومية والخاصة في مشروعات البنية التحتية والطاقة المتجددة عززت النمو في المنطقة الخليجية، مؤكدًا أن هذه الدول تستفيد من استقرار مالي نسبي وسياسات اقتصادية توسعية مدروسة.
كما لفت التقرير إلى أن الدول المستوردة للنفط في المنطقة شهدت هي الأخرى تحسنًا في مؤشرات النمو، مدفوعة بزيادة الاستهلاك المحلي والاستثمار الخاص، بالإضافة إلى تعافي قطاعي الزراعة والسياحة بعد سنوات من التباطؤ.
تباطؤ متوقع في الدول المصدّرة للنفط
ورغم التحسن العام، حذّر البنك الدولي من أن الدول النامية المصدّرة للنفط تواجه مخاطر تباطؤ واضحة، نتيجة الاضطرابات الناجمة عن الصراعات الإقليمية وتخفيضات الإنتاج، مما قد ينعكس سلبًا على الموازنات العامة ومعدلات التوظيف.
اقرأ أيضًا
جوتيريش: خطة ترامب فرصة نادرة لإنهاء الحرب في غزة
وأشار التقرير إلى أن استمرار التوترات في سوريا واليمن ولبنان وغزة وأفغانستان يضغط على الأداء الاقتصادي الإقليمي، ويقوّض جهود الاستقرار والتنمية في المنطقة.
انكماش حاد في الاقتصاد الإيراني
وفي تقييمه لاقتصاد إيران، توقع البنك الدولي أن يسجل انكماشًا بنسبة 1.7% في 2025، يليه انكماش أكبر يصل إلى 2.8% في 2026، وهو ما يمثل تراجعًا حادًا مقارنة بتوقعاته السابقة التي رجحت نمو الاقتصاد الإيراني خلال العام ذاته.
وأوضح البنك أن هذا التدهور «يعكس انخفاضًا في صادرات النفط والنشاط غير النفطي»، في ظل تشديد العقوبات الدولية وإعادة فرض قيود الأمم المتحدة على طهران.
وجاء ذلك بعد أن أعادت الأمم المتحدة في سبتمبر فرض حظر على الأسلحة وعقوبات أخرى على إيران بسبب برنامجها النووي، في خطوة قادتها القوى الأوروبية، وحذرت طهران من أنها سترد عليها بقوة.
وذكر التقرير أن هذه الإجراءات تزامنت مع هجمات جوية نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة على مواقع نووية إيرانية، ما أدى إلى تفاقم حالة الركود في الاقتصاد الإيراني وتعطل سلاسل التوريد والقطاع الصناعي.
تداعيات الصراعات الإقليمية
وأكد البنك الدولي أن المنطقة ككل تعاني من تداعيات اقتصادية وإنسانية واسعة نتيجة تعدد الصراعات، موضحًا أن النزاعات الممتدة في الشرق الأوسط تسببت في نزوح جماعي للسكان وتراجع الاستثمار الأجنبي وانكماش الإنتاج الصناعي.
وأضاف التقرير أن الدول المجاورة لمناطق النزاع تواجه كذلك آثارًا غير مباشرة، تشمل تدفقات اللاجئين واضطرابات الأسواق وتزايد حالة انعدام الأمن، مما يضع ضغوطًا إضافية على موازناتها واقتصاداتها الوطنية.
نظرة حذرة للمستقبل
واختتم البنك الدولي تقريره بالتأكيد على أن آفاق النمو في المنطقة تبقى رهينة بتطورات الأوضاع الجيوسياسية وأسعار النفط، مشيرًا إلى أن أي تصعيد جديد في التوترات قد يبدّد المكاسب المحققة خلال العام الجاري.
ودعا البنك الحكومات إلى تنويع اقتصاداتها وتقوية القطاع الخاص، إضافة إلى الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا لتعزيز القدرة على مواجهة الصدمات المستقبلية.