أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موجة من الغضب والانتقادات داخل إسرائيل بعد إدلائه بتصريحات غير دقيقة حول عدد الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وذلك خلال مقابلة مع السياسي والمذيع الأميركي المحافظ بن شابيرو، نُشرت عشية الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر 2023.
وطالب منتدى عائلات الرهائن والمفقودين نتنياهو بتقديم توضيح رسمي لتصريحاته التي اعتبرها المنتدى “مضللة ومؤلمة لعائلات المحتجزين” الذين يعيشون منذ عامين على أمل استعادة أبنائهم.
تفاصيل الخطأ الذي أثار الجدل
وخلال المقابلة، قال نتنياهو: “ما بدأ في غزة سينتهي في غزة، مع إطلاق سراح 40 من رهائننا، بل 46 في الواقع”، مكررًا الرقم مرتين، غير أن العدد الفعلي للرهائن المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة يبلغ 48 رهينة، بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي وتحديثات منتدى العائلات.
وأوضحت مصادر في المنتدى أن هذا الخطأ ليس الأول من نوعه، إذ سبق لنتنياهو أن أدلى بأرقام غير دقيقة في تصريحات سابقة، ما أثار استياء العائلات التي تعتبر دقة الأرقام مسألة حساسة تمس مشاعرها مباشرة.
بيان منتدى عائلات الرهائن
وفي بيان رسمي صدر مساء الاثنين، دعا المنتدى رئيس الوزراء إلى “تقديم توضيح فوري للرأي العام الإسرائيلي ولعائلات الرهائن حول العدد الحقيقي للمحتجزين في غزة”، مشيرًا إلى أن مثل هذه الأخطاء “تُظهر تجاهلاً لمعاناة الأسر التي تنتظر أي بادرة أمل منذ عامين”.

وأضاف البيان: “كل كلمة تصدر عن القيادة الإسرائيلية بشأن ملف الرهائن تحمل وزنًا نفسيًا كبيرًا للعائلات، وأي خطأ في الأرقام يُعد استخفافًا بآلامنا وبحقيقة أن كل رهينة يمثل حياة كاملة ما زالت معلقة في المجهول.”
العدد الحقيقي للرهائن في غزة
وفقًا للبيانات الرسمية الإسرائيلية:
إجمالي عدد الرهائن الذين احتجزتهم حركة حماس بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 بلغ 251 رهينة، بينهم 4 أشخاص كانوا محتجزين في غزة قبل ذلك التاريخ.
لا تزال 48 رهينة محتجزة حتى اليوم، من بينهم 47 رهينة اختطفتهم الحركة في هجومها، بالإضافة إلى جثة جندي إسرائيلي قتل خلال حرب غزة عام 2014.
وتشير التقديرات إلى أن 26 من الرهائن المؤكد مقتلهم لا تزال جثثهم محتجزة في غزة، بينما يُعتقد أن 20 آخرين على قيد الحياة، وسط مخاوف متزايدة بشأن مصير اثنين منهم.
سجل متكرر لأخطاء نتنياهو
لم تكن هذه المرة الأولى التي يخطئ فيها نتنياهو في ذكر الأعداد. ففي أغسطس الماضي، صرّح خلال مؤتمر صحفي بأنه “سيعمل على إطلاق سراح جميع رهائننا العشرين”، في وقت كانت حماس تحتجز نحو 50 رهينة في غزة، ما أثار حينها انتقادات مشابهة من منظمات أهالي المحتجزين.
ويرى مراقبون أن تكرار الأخطاء في أرقام الرهائن يعكس حالة من الارتباك السياسي والإعلامي داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن إدارة الملف، خاصة مع تصاعد الضغوط الشعبية والدولية لإيجاد تسوية تنهي الأزمة الممتدة منذ عامين.
اقرأ أيضًا:
البيت الأبيض: محادثات تقنية في مصر حول خطة ترامب بمشاركة ويتكوف وكوشنر
ارتباط الأزمة بخطة ترامب لوقف حرب غزة
وتتزامن هذه التصريحات المثيرة للجدل مع تحركات دبلوماسية متواصلة لإقرار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، وتنص الخطة على وقف فوري لإطلاق النار يعقبه خلال 72 ساعة من موافقة إسرائيل العلنية على الاتفاق الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة، على أن تقوم إسرائيل لاحقًا بإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد لديها.

ويؤكد مسؤولون إسرائيليون أن الحكومة لم تحسم موقفها النهائي من الخطة بعد، في حين تشير تسريبات إلى وجود انقسامات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي حول طريقة التعامل مع مقترحات الوساطة المصرية والأميركية.
بينما تسعى إسرائيل إلى طي صفحة أطول حرب في تاريخها مع غزة، تواصل تصريحات نتنياهو المثيرة للجدل تعميق الهوة بين الحكومة وعائلات الرهائن الذين يشعرون بأن قضيتهم تُستغل سياسيًا، ويبقى السؤال: هل ينجح الضغط الشعبي والدولي في دفع تل أبيب إلى تبني خطة سلام شاملة تُنهي مأساة الرهائن، وتفتح الطريق أمام تسوية سياسية جديدة في غزة؟