في الذكرى الثانية لاندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر 2023، خرجت موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات الشعبية في عدد من العواصم والمدن الأوروبية، حيث عبّر الملايين عن غضبهم العارم تجاه استمرار العمليات العسكرية في القطاع، ورفضهم للدعم السياسي والعسكري المقدم من حكوماتهم لإسرائيل.
هذه الموجة التي اجتاحت الشوارع الأوروبية لم تكن مجرد تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، بل تحولت إلى صرخة جماعية تطالب بإنهاء الحرب ووضع حد للمعاناة الإنسانية في غزة، وسط إدانات واسعة لانتهاك القانون الدولي واستهداف المدنيين.
ذكرى حرب غزة
في إسبانيا، التي تحولت إلى مركز رئيسي لهذا الحراك، شارك نحو مليونَي شخص في مظاهرات غطّت العاصمة مدريد وعدداً من المدن الكبرى، في واحدة من أكبر التعبيرات الشعبية المؤيدة لفلسطين في تاريخ البلاد. المتظاهرون دعوا حكومة بيدرو سانشيز إلى اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل، من بينها قطع العلاقات الدبلوماسية، ووقف صادرات السلاح، والدعوة لعقوبات أوروبية على تل أبيب بسبب ما وصفوه بـ”الجرائم المستمرة” في غزة. منسقو التظاهرات اعتبروا أن هذه التحركات تمثل رفضاً جماعياً لصمت أوروبا وتواطؤها مع ما يحدث، بينما شهدت بعض التجمعات مواجهات محدودة مع قوات الشرطة، أثارت انتقادات من منظمات حقوقية محلية ودولية.
أما في إيطاليا، فقد ترافقت الاحتجاجات مع إضراب عام دعت إليه النقابات العمالية، أدى إلى شلل جزئي في الموانئ ووسائل النقل بعدد من المدن مثل روما وميلانو ونابولي وجنوة. نحو 250 ألف شخص انضموا إلى التحركات، مؤكدين رفضهم لاستمرار الحرب، وداعين لوقف فوري لإطلاق النار ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها. ممثلون عن اتحاد عمال الموانئ في جنوة أعلنوا رفضهم السماح بمرور أي شحنات عسكرية إلى إسرائيل عبر الموانئ الإيطالية، في إشارة إلى تصاعد حملة المقاطعة داخل أوروبا.
أوروبا ترفع راية الرفض وتطالب بمحاكمة إسرائيل
في فرنسا، خرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع باريس ومرسيليا وليون، ووجهوا انتقادات مباشرة للرئيس إيمانويل ماكرون بسبب دعم حكومته العسكري لتل أبيب. طالب المتظاهرون بوقف هذا الدعم، وسحب فرنسا من أي أنشطة أو تحالفات مرتبطة بإسرائيل، مؤكدين أن الوقت قد حان لأن تتبنى باريس موقفًا أكثر توازنًا يحترم حقوق الإنسان ويعارض الاحتلال والعدوان.
وفى إيطاليا، تزامنت الاحتجاجات مع إضراب عام دعت إليه النقابات العمالية شل حركة الموانئ ووسائل النقل العام فى عدد من المدن، بينها روما وميلانو ونابولى وجنوة. وشارك فى الإضراب أكثر من 250 ألف شخص رفعوا شعارات “كفى للحرب.. كفى للصمت الأوروبي”، مطالبين بوقف فورى لإطلاق النار ومحاسبة تل أبيب على “الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي”.
وشهدت ألمانيا وبلجيكا وهولندا أيضًا موجات احتجاجية كبيرة، حيث تجمّع الآلاف في مدن مثل برلين وبروكسل وأمستردام، مطالبين بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وفرض رقابة صارمة على الشركات الأوروبية المتورطة في دعم الصناعات العسكرية الإسرائيلية. المتظاهرون شددوا على أن استمرار الحكومات في تقديم الدعم العسكري والسياسي لتل أبيب يُعد تواطؤًا مباشرًا في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، ويقوّض مصداقية أوروبا في الترويج لقيم العدالة وحقوق الإنسان.
في ظل هذا التصاعد الشعبي غير المسبوق، تبدو الحكومات الأوروبية أمام تحدٍ واضح بين ضغوط الرأي العام الداخلي من جهة، والاعتبارات السياسية والتحالفات الدولية من جهة أخرى. لكن المؤكد أن الذكرى الثانية لحرب غزة شكّلت نقطة تحوّل في الوعي الأوروبي، حيث لم يعد بالإمكان تجاهل أصوات الشارع الغاضبة، ولا استمرار السياسات التي يُنظر إليها على أنها داعمة للعدوان على المدنيين. يبدو أن ما بدأ كاحتجاجات تضامنية قد يتحول إلى موجة ضغط سياسي واسعة تعيد رسم مواقف أوروبا تجاه القضية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة.
اقرأ أيضا.. في الذكرى الثانية لـ حرب غزة.. الشارع الإسباني يهتف: لا سلاح لقاتل الأطفال