تتجه أنظار العالم إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، التي تستضيف غدا الإثنين قمة شرم الشيخ للسلام، وهي قمة تاريخية تهدف لإنهاء الصراع في غزة، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة أكثر من 20 دولة، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.
وتهدف القمة إلى وضع حد نهائي لحرب غزة المستمرة منذ عامين، وتعزيز جهود السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، في إطار تنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية ورعاية أمريكية.

غزة من التصعيد إلى قمة شرم الشيخ للسلام
على مدى الأشهر الماضية، تباينت المواقف بين إسرائيل وحركة حماس بين تصعيد عسكري متكرر ومفاوضات حساسة، تخللتها ملفات شائكة أبرزها قضية الرهائن والأسرى، وملف نزع سلاح حماس.
وبعد وساطات مكثفة من مصر وقطر والولايات المتحدة، تم التوصل إلى اتفاق شامل يمهّد لإنهاء الحرب وبدء عملية إعادة إعمار غزة، أُطلق عليه رسميًا “اتفاق شرم الشيخ”.
إلا أن الخلافات بين الطرفين لا تزال حاضرة، إذ برزت مجددًا مع اقتراب موعد القمة، وسط تصريحات متشددة من الجانبين تهدد هشاشة التفاهمات.
موقف حماس: “لن نغادر أرضنا ولن ننزع سلاحنا”
في تصريحات أثارت جدلاً واسعًا، أعلن عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران، في حديث لوكالة فرانس برس، أن الحركة لن تشارك في التوقيع الرسمي على الاتفاق المزمع عقده في شرم الشيخ، موضحًا أن مراسم التوقيع “ستقتصر على الوسطاء والمسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين”.

ورفض بدران بشكل قاطع البنود التي تتحدث عن مغادرة قادة حماس قطاع غزة، معتبرًا أن الحديث عن خروج الفلسطيني من أرضه “عبث وهراء لا يمكن القبول به”، مؤكدًا أن الحركة “سترد على أي عدوان إسرائيلي في حال استؤنفت الحرب”.
كما شددت حماس على أن ملف نزع السلاح غير قابل للنقاش، معتبرة أنه “خارج إطار الاتفاق تمامًا”، في إشارة إلى البند 13 من خطة ترامب، الذي ينص على “تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس ونزع سلاحها تحت إشراف مراقبين دوليين”.
موقف إسرائيل: “الجيش باقٍ في غزة حتى تحقيق الأهداف”
في المقابل، صعّدت إسرائيل من لهجتها قبل ساعات من انطلاق قمة شرم الشيخ، إذ توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بـ”تدمير جميع أنفاق غزة” بعد الإفراج عن الرهائن، مؤكدًا أن العمليات ستتم “في إطار آلية دولية بإشراف أمريكي”.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي سيبقى داخل قطاع غزة “للضغط على حماس حتى تلقي سلاحها بالكامل”، مضيفًا أن الحركة “وافقت على الاتفاق بعدما أدركت أن السكين على رقبتها”.

لكن وفق البند 16 من خطة ترامب، فإن إسرائيل لن تضم غزة أو تحتلها، بل ستُسند مهمة حفظ الأمن إلى قوة استقرار دولية، على أن يتم الانسحاب الإسرائيلي تدريجيًا وفق جدول زمني متفق عليه مع الولايات المتحدة والضامنين.
تفاصيل قمة شرم الشيخ للسلام
تُعقد القمة في منتجع شرم الشيخ الدولي، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وعدد من القادة العرب والأوروبيين، ووفق بيان رئاسة الجمهورية المصرية، فإن القمة تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، وإطلاق خطة شاملة لإعادة الإعمار، وإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية على أساس حل الدولتين.
وسيشارك في القمة أيضًا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا، إلى جانب وفود من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
وأعلن الإليزيه أن الرئيس ماكرون سيحضر القمة “لتأكيد دعمه لتطبيق اتفاق ترامب للسلام”، وأنه سيبحث مع شركائه “الخطوات العملية المقبلة لتنفيذ الاتفاق وضمان التزام جميع الأطراف”.
تبادل الأسرى والرهائن.. أولى مراحل تنفيذ الاتفاق
تتضمن المرحلة الأولى من اتفاق شرم الشيخ للسلام تنفيذ عملية تبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل وحماس، تشمل إطلاق سراح 47 رهينة من بين 251 اختُطفوا في هجوم 7 أكتوبر 2023، بالإضافة إلى استعادة رفات رهينة فقد في عام 2014.
في المقابل، ستفرج إسرائيل عن 250 معتقلًا فلسطينيًا محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتُجزوا منذ بداية الحرب.
وأكدت السلطات الإسرائيلية أنها جمعت الأسرى المتوقع الإفراج عنهم في سجنين استعدادًا لبدء عملية التبادل صباح الإثنين.
وقالت مصادر في حماس إن الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين سيبدأ مع انطلاق أعمال القمة في شرم الشيخ، في خطوة رمزية تعكس بدء تنفيذ الاتفاق فعليًا على الأرض.
اقرأ أيضًا:
إسرائيل تبدأ نقل الأسرى الفلسطينيين تمهيدًا لتنفيذ صفقة التبادل واستبعاد أسماء بارزة من القائمة
شرم الشيخ.. منصة سلام جديدة للعالم
اختيار مدينة شرم الشيخ لعقد هذه القمة لم يكن صدفة، فالمدينة المصرية المطلة على البحر الأحمر لطالما كانت رمزًا للسلام والدبلوماسية، واستضافت العديد من المؤتمرات الدولية خلال العقود الماضية.

اليوم، تعود شرم الشيخ لتلعب دورًا محوريًا في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، حيث تُطلق منها مصر رسالة واضحة للعالم مفادها أن السلام ممكن حين تتوافر الإرادة، وأن القوة الحقيقية تكمن في الحوار والدبلوماسية.
بين تحفظات حماس وتصعيد إسرائيل وجهود مصر وأمريكا، تقف قمة شرم الشيخ للسلام أمام اختبار حقيقي، ورغم التحديات، تبقى الآمال معلقة على أن تفتح هذه القمة صفحة جديدة تنهي أطول الحروب في غزة، وتعيد إلى الشرق الأوسط بريق الأمل في سلام دائم وشامل