تتجه أنظار العالم، الإثنين، نحو مدينة شرم الشيخ المصرية، التي تتحول مجدداً إلى منصة دولية للسلام، مع انعقاد قمة شرم الشيخ للسلام بمشاركة واسعة من قادة الدول والمنظمات الدولية، في خطوة تهدف إلى ترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وبدء مرحلة جديدة من الاستقرار في الشرق الأوسط.
وتأتي القمة برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، في وقت أعلنت فيه واشنطن أن أربع دول ستتولى دور الضامن لتنفيذ اتفاق غزة، وهي: مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا.

اتفاق تاريخي برعاية مصرية – أمريكية
وقال مسؤول أمريكي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، السبت، إن القمة ستشهد توقيع «المبادئ العامة» لخطة ترامب المكونة من 20 نقطة رئيسية تهدف لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، والتي استمرت لعامين كاملين وأدت إلى دمار واسع في قطاع غزة.
وأوضح المسؤول أن الحدث سيركز على تعزيز دعم الدول الضامنة للصفقة، بينما لن تشارك الأطراف المباشرة للنزاع في القمة، بما في ذلك إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية، رغم أن ممثلين عنها قد ينضمون في مراحل لاحقة من التنفيذ.
مصر.. في قلب الوساطة
وأشارت الرئاسة المصرية في بيان رسمي إلى أن القمة تأتي ضمن جهود مصر الدبلوماسية المستمرة من أجل إنهاء الحرب في غزة و”فتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي”.
وأكد البيان أن الرئيس السيسي يقود «تحركاً شاملاً لإعادة إطلاق عملية السلام» وإعادة إعمار قطاع غزة، بما يضمن «حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ويؤسس لتعايش سلمي في المنطقة».
وفي السياق ذاته، بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، السبت، تفاصيل الترتيبات الخاصة بالقمة، إلى جانب الخطوات التنفيذية للمرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ الجمعة، بعد مفاوضات استمرت أربعة أيام في شرم الشيخ.
مشاركة دولية واسعة في مدينة السلام
تشهد القمة حضوراً رفيع المستوى، يضم أكثر من 20 قائداً ورئيس حكومة من مختلف دول العالم، ومن أبرز المشاركين:
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني
المستشار الألماني فريدريش ميرتس
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا
كما شوهدت أعلام السعودية والإمارات وقطر والهند وروسيا واليونان وأذربيجان أمام القاعة الرئيسية التي تستضيف القمة، ما يعكس الزخم الدولي غير المسبوق تجاه هذا الحدث.
غياب الأطراف المتحاربة عن قمة شرم الشيخ
أعلنت إسرائيل أنها لن توفد أي ممثل رسمي إلى القمة، وقالت المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن تل أبيب «لن تحضر أي فعالية تتعلق بالاتفاق».
من جانبها، أكدت حركة حماس على لسان عضو مكتبها السياسي حسام بدران أنها «لن تكون مشاركة في عملية التوقيع»، رغم ترحيبها بوقف إطلاق النار ودعوتها إلى «ضمانات دولية حقيقية لتطبيق الاتفاق».
كما لم يتلق السلطة الفلسطينية رداً رسمياً على طلبها المشاركة، وفق ما نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مصادر دبلوماسية.

شرم الشيخ.. عاصمة الدبلوماسية و«منصة للسلام»
على مدار الأيام الماضية، شهدت شرم الشيخ استعدادات أمنية وتنظيمية مكثفة لاستقبال الوفود الدولية، وسط ترتيبات غير مسبوقة لضمان نجاح القمة التي توصف بأنها «الأهم منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991».
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن مصر تسعى لأن تكون شرم الشيخ مجدداً مدينة السلام العالمية، بعد أن احتضنت عشرات المؤتمرات الدولية للسلام والمناخ والتنمية خلال العقدين الماضيين.
اقرأ أيضًا:
قمة شرم الشيخ للسلام.. مدينة السلام تستضيف اتفاقاً تاريخياً لإنهاء حرب غزة بعد عامين من الصراع
رسالة ترامب من واشنطن: “الاتفاق سيصمد”
من جانبه، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، أن اتفاق غزة «سيصمد لأن جميع الأطراف سئمت من القتال»، مشيراً إلى أن 20 رهينة سيتم الإفراج عنهم الاثنين، بالتزامن مع انعقاد القمة في شرم الشيخ.
وأضاف ترامب أنه سيلتقي في مصر «العديد من القادة لمناقشة مستقبل قطاع غزة»، مؤكداً أنه يعتزم زيارة الكنيست الإسرائيلي قبل مغادرته القاهرة، على أن يعود إلى واشنطن الثلاثاء.
شرم الشيخ تجمع العالم مجدداً
مع انطلاق أعمال القمة، تبدو مدينة شرم الشيخ أمام لحظة فارقة جديدة في تاريخها، لتعيد التأكيد على مكانتها كـ”عاصمة السلام في العالم”، حيث تتلاقى إرادات القوى الدولية على أرضها من أجل وضع حد لحرب أنهكت المنطقة والعالم، وإطلاق مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي لإعادة إعمار غزة وترسيخ الأمن في الشرق الأوسط.