دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأحد، إلى اعتماد مقاربة دولية للأزمة الأوكرانية مشابهة لتلك التي أنهت الحرب في قطاع غزة، مؤكداً أن اتفاق شرم الشيخ الأخير “أعاد الأمل للسلام في الشرق الأوسط”، وأن الوقت قد حان لوقف النزاع في أوروبا الشرقية.
الرئيس الفرنسي: اتفاق غزة نموذج لإنهاء الحروب
وقال ماكرون، في منشور على حسابه الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، عقب اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل “بارقة أمل للسلام” في منطقة مضطربة منذ عقود.

وأضاف الرئيس الفرنسي: “كما قدّم اتفاق غزة بصيص أمل للسلام في الشرق الأوسط، يجب أن تنتهي الحرب في أوكرانيا أيضاً. وإذا واصلت روسيا حربها ورفضت الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فعليها أن تدفع الثمن”.
وشدد ماكرون على أن فرنسا تندد بشدة بالقصف الروسي للبنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، معتبراً أن هذه الضربات تستهدف المدنيين بشكل مباشر مع اقتراب فصل الشتاء. وأوضح أن باريس تعمل مع شركائها على إعادة الخدمات الأساسية ودعم جهود كييف في تأمين الكهرباء والمياه.
باريس تدين التصعيد الروسي وتدعم كييف
وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، “تدرس حزمة مساعدات عاجلة” لإعادة بناء المنشآت الحيوية في أوكرانيا التي تضررت جراء الهجمات الروسية الأخيرة.
وقال إن باريس تعمل على “تكثيف الجهود الدبلوماسية والسياسية” لدفع موسكو نحو مفاوضات سلام شاملة، في ظل التدهور الإنساني المتصاعد في مناطق القتال.
زيلينسكي يشيد بجهود فرنسا ويطالب بمزيد من الدعم
من جانبه، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن امتنانه لفرنسا “لدورها الكبير في دعم أوكرانيا دفاعاً عن سيادتها ووحدتها الإقليمية”.

وقال في منشور على “إكس” إنه أطلع ماكرون على احتياجات كييف ذات الأولوية، وفي مقدمتها أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ، مؤكداً أن أوكرانيا تواجه “تصعيداً خطيراً في الهجمات الجوية الروسية”.
وأشار زيلينسكي إلى أن روسيا شنت أكثر من 4000 غارة جوية خلال أسبوع واحد، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لمنع “إرهاب جوي متصاعد” يستهدف المدن الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة.
وأضاف الرئيس الأوكراني: “موسكو تستغل انشغال العالم بجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط لتكثيف ضرباتها. ولهذا يجب ألا يُسمح بتخفيف الضغط عليها، ويجب إبقاء العقوبات والرسوم الجمركية والإجراءات ضد مشتري النفط الروسي مطروحة على الطاولة”.
سلام الشرق الأوسط وأوروبا
وشدد زيلينسكي على أن السلام في أوروبا يمكن تحقيقه بالتوازي مع عملية السلام في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الجهود الدولية لا يجب أن تقتصر على جبهة واحدة.
كما دعا إلى فرض عقوبات أشد على الصين والهند، اللتين تعتبران من أكبر مشتري النفط الروسي، قائلاً إن “وقف تمويل آلة الحرب الروسية هو الطريق الوحيد لتحقيق سلام دائم”.
اقرأ أيضًا:
شرم الشيخ تجمع العالم.. 4 دول ضامنة لتنفيذ الاتفاق وأكثر من 20 زعيمًا يحضرون القمة
ترامب وبوتين وفشل الوساطة السابقة
يأتي تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقتٍ تتعثر فيه المفاوضات بشأن الحرب الأوكرانية، رغم اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا منتصف أغسطس/آب الماضي.
وكان يُعوَّل على تلك القمة لإطلاق مبادرة سلام جديدة، غير أن المباحثات لم تُحرز أي تقدم، وتراجع زخمها سريعاً.
ومع تصاعد الانتقادات، انتقل ترامب من موقف الحياد إلى دعم أوكرانيا علناً، معبّراً عن خيبة أمله من موقف موسكو.
وطرح الرئيس الأمريكي مقترحاً يقضي بأن تتنازل كييف عن أجزاء من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا مقابل وقف الحرب، إلا أن حلفاء واشنطن في أوروبا رفضوا الخطة بشدة، معتبرين أنها تُكافئ العدوان وتُقوّض السيادة الأوكرانية.
ويرى مراقبون أن تصريحات الرئيس الفرنسي تعكس تحولاً تدريجياً في الخطاب الغربي نحو مقاربة أكثر شمولاً للأزمات الدولية، تربط بين السلام في الشرق الأوسط واستقرار أوروبا.
كما تبرز رؤية فرنسية جديدة مفادها أن الدبلوماسية المتوازية قد تفتح آفاقاً لإنهاء النزاعات الممتدة، مستفيدة من الزخم السياسي الذي أحدثه اتفاق شرم الشيخ للسلام في غزة.