في تطور تاريخي ضمن مسار تنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام، أعلنت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، اليوم الإثنين، عن إتمام عملية الإفراج عن 1986 أسيرًا فلسطينيًا، وذلك في إطار صفقة تبادل الأسرى “طوفان الأحرار 3” التي تشرف عليها مصر واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأكد مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين أن بين المفرج عنهم 154 أسيرًا مبعدًا إلى الخارج، جرى نقلهم إلى الأراضي المصرية لإتمام إجراءات الإفراج، تمهيدًا لانتقالهم إلى الدول التي وافقت على استقبالهم ضمن بنود الاتفاق.
تسليم الأسرى الإسرائيليين عبر الصليب الأحمر
في المقابل، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها سلمت كافة الأسرى الإسرائيليين الأحياء إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر داخل قطاع غزة، على مرحلتين، وذلك في إطار تنفيذ الاتفاق الذي ينص على تبادل شامل للأسرى ووقف إطلاق النار.
وأوضح بيان القسام أن المرحلة الأولى بدأت عند الساعة الثامنة صباحًا، حيث تم نقل سبعة أسرى إسرائيليين من شمال قطاع غزة إلى نقاط الاستلام المحددة بإشراف الصليب الأحمر الدولي، قبل أن يتم تسليم الدفعة الثانية من خانيونس ومخيمات الوسطى عند الساعة العاشرة صباحًا.
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان رسمي، أنها تسلمت 20 أسيرًا إسرائيليًا على دفعتين، قبل نقلهم إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي عبر المعابر، ما يمهّد للمرحلة التالية من تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى الشامل الذي يمثل جزءًا أساسيًا من خطة وقف الحرب في غزة.

القسام: الاحتلال خضع بعد فشل الخيار العسكري
وفي أول تعليق رسمي لها بعد بدء تنفيذ الصفقة، قالت كتائب القسام في بيان إنّ الاحتلال الإسرائيلي فشل في استعادة أسراه بالضغط العسكري، رغم ما يمتلكه من تفوق استخباري وفائض في القوة.
وأضاف البيان: “لقد خضع الاحتلال أخيرًا لاستعادة أسراه من خلال صفقة تبادلٍ؛ كما وعدت المقاومة منذ البداية.”
وأشار البيان إلى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو ثمرة لصمود الشعب الفلسطيني وثبات مقاوميه، مؤكداً التزام المقاومة ببنود الاتفاق والجداول الزمنية طالما التزم بها الاحتلال.
كما شددت القسام على أن المقاومة كانت حريصة على إيقاف حرب الإبادة منذ الشهور الأولى، وأنها تعاملت بإيجابية مع كل الجهود الدولية والمصرية لحقن الدماء، لكن “العدو أفشلها لحساباته السياسية الضيقة وإشباعًا لغريزة الانتقام لدى حكومته”، وفق نص البيان.
الدور المصري في تنفيذ الصفقة
وأفادت مصادر دبلوماسية في القاهرة أن السلطات المصرية أشرفت ميدانيًا على نقل الأسرى الفلسطينيين المبعدين من معبر رفح إلى داخل الأراضي المصرية، تمهيدًا لإنهاء إجراءات الإفراج الرسمية.

وأكدت المصادر أن مصر تتابع تنفيذ اتفاق شرم الشيخ بحذر ودقة، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة ستتضمن مناقشة آلية إعادة إعمار غزة وضمان تثبيت وقف إطلاق النار الدائم بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
اقرأ أيضًا:
مشهد مثير داخل الكنيست.. نائب إسرائيلي يقاطع خطاب ترامب بلافتة “اعترفوا بفلسطين”
اتفاق شرم الشيخ.. خطوة مفصلية في مسار السلام
ويُعد اتفاق شرم الشيخ الذي تم توقيعه برعاية مصرية – أميركية – قطرية في سبتمبر الماضي، أحد أهم محطات التهدئة بعد حرب دامت عامين في غزة، وأسفرت عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وتشريد مئات الآلاف.
وينص الاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، مقابل تبادل متدرج للأسرى وبدء مرحلة إعادة الإعمار بإشراف دولي.
ومن المتوقع أن تُستكمل المرحلة الرابعة والأخيرة من صفقة “طوفان الأحرار 3” خلال الأيام المقبلة، ما سيؤدي إلى إطلاق جميع الأسرى المتبقين لدى الطرفين، وفتح الباب أمام مفاوضات سياسية نهائية حول مستقبل غزة.

ردود فعل فلسطينية ودولية
رحبت أوساط فلسطينية واسعة بإتمام أكبر عملية تبادل منذ عقدين، واعتبرتها “انتصارًا للإرادة الوطنية”، فيما أشادت الأمم المتحدة بالدور المصري والقطري في تسهيل العملية.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة: “هذه الخطوة تشكل بارقة أمل حقيقية للسلام في المنطقة، وتؤكد أن الحلول السياسية ممكنة حين تتوفر الإرادة.”