رفض الكرملين، التعليق على الأنباء المتعلقة بطلب السلطات السورية الجديدة تسليم الرئيس السابق بشار الأسد إلى دمشق، بعد عام تقريبًا من الإطاحة به ولجوئه إلى روسيا.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في مؤتمر صحفي: “لا يوجد شيء ليقال في هذا السياق”، في رد مقتضب على سؤال حول ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ناقش مع نظيره السوري أحمد الشرع، خلال لقائهما في موسكو، مسألة تسليم الأسد، بحسب ما نقلته صحيفة “غازيتا” الروسية.

طلب رسمي من الرئيس السوري أحمد الشرع لتسليم الأسد
وكانت وكالة فرانس برس قد كشفت، الأربعاء، أن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع طلب رسميًا من موسكو تسليم بشار الأسد، خلال لقائه مع بوتين في الكرملين.
وبحسب الوكالة، فإن الشرع أكد لبوتين أن “دمشق الجديدة تسعى إلى إغلاق صفحة الماضي، وتحقيق العدالة وفقًا للقانون السوري”، مشيرًا إلى أن ملف الأسد “يمثل قضية سيادية ووطنية بامتياز”.
الطلب السوري يأتي بعد نحو عشرة أشهر من الإطاحة بالنظام السابق في ديسمبر من العام الماضي، في أعقاب انتفاضة عسكرية أطاحت بالأسد وأنهت أكثر من عقد من حكمه، الذي اتسم بالحرب الأهلية والتدخلات الإقليمية.

الكرملين يناقش مصير القواعد الروسية في سوريا
وفي سياق متصل، أكد بيسكوف أن اللقاء بين بوتين والشرع تناول أيضًا مستقبل القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية: “تمت مناقشة القضايا المتعلقة بالتعاون العسكري بين البلدين، بما في ذلك وضع القواعد الروسية في الأراضي السورية”، مشيرًا إلى أن “الحديث عن أي قرارات جديدة في هذا الملف سابق لأوانه”.
ردود روسية داخلية: تسليم الأسد “أمر غريب”
على الصعيد الداخلي، وصف النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي، دميتري نوفيكوف، المطالبة بتسليم الأسد بأنها “أمر غريب”، مشيرًا إلى أن مثل هذه الخطوة “قد تُعرّض حياته للخطر أو للانتقام السياسي”.
وقال نوفيكوف: “من غير المنطقي أن تسلم موسكو شخصًا لجأ إليها طلبًا للحماية، خاصة في ظل احتمالية تعرضه لمحاكمة سياسية أو انتقام شخصي في دمشق”.
لافروف: استضفنا الأسد لأسباب إنسانية بحتة
وفي تصريح سابق، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن وجود الأسد في موسكو “جاء لأسباب إنسانية بحتة”، موضحًا أن “الكرملين تدخل لحمايته بعد تلقيه تهديدات جدية بالقتل هو وعائلته عقب سقوط نظامه”.

وقال لافروف للصحفيين الأسبوع الماضي: “بشار الأسد موجود لدينا لأسباب إنسانية، كانت هناك تهديدات بقتله هو وعائلته، ولذلك وفرنا لهم الحماية في روسيا.”
ونفى الوزير الروسي التقارير التي تحدثت عن تعرض الأسد لتسمم داخل الأراضي الروسية، قائلاً: “هذه شائعات لا أساس لها من الصحة، وهو يعيش بشكل طبيعي وآمن في موسكو”.
أنباء عن محاولة تسميم وتقارير عن حياة الأسد في موسكو
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن مطلع أكتوبر الجاري أن الأسد “تعرض لمحاولة تسميم” أثناء إقامته في موسكو، إلا أن السلطات الروسية نفت صحة هذه المعلومات.
وفي الوقت نفسه، نقلت تقارير صحفية ألمانية تفاصيل عن الحياة التي يعيشها الأسد وعائلته في العاصمة الروسية، ووصفتها بأنها “حياة تجمع بين الرفاهية والعزلة الكاملة”.
وبحسب التقارير، يعيش الأسد في شقق فاخرة تطل على ناطحات سحاب موسكو، تحت حماية أمنية مشددة من جهاز الكرملين، لكنه “جُرّد من أي نفوذ سياسي أو تأثير في مستقبل سوريا”.

تباين دولي حول مصير الأسد بعد الإطاحة به
وتثير قضية تسليم بشار الأسد جدلاً واسعًا على الساحة الدولية، بين مؤيدين لمحاسبته على جرائم الحرب في سوريا، ومعارضين يرون أن تسليمه قد يفتح الباب أمام عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
ويرى محللون أن موسكو “لن تقدم بسهولة على تسليم ورقة الأسد”، باعتبارها أحد أهم أوراق النفوذ الروسي في الشرق الأوسط منذ عام 2015، حين تدخلت عسكريًا لإنقاذ نظامه من السقوط.
اقرأ أيضًا:
الأسطول الشبح الروسي| كيف تتحدى موسكو العقوبات الغربية عبر “سفن الأشباح”؟
بشار الأسد من الحرب إلى اللجوء السياسي
وكان بشار الأسد قد لجأ إلى روسيا في ديسمبر الماضي بعد انهيار نظامه إثر تمرد عسكري واسع النطاق قادته فصائل من الجيش السوري، بدعم شعبي واسع، وانتهى بتشكيل حكومة انتقالية برئاسة أحمد الشرع.
ومنذ ذلك الحين، يعيش الأسد في موسكو تحت حماية أمنية مشددة، وسط أنباء عن فرض قيود صارمة على تحركاته واتصالاته، في ظل تزايد الدعوات الدولية لمحاسبته على جرائم الحرب التي ارتكبت خلال فترة حكمه.
ويرى مراقبون أن مصير الأسد يعتمد على توازن المصالح الروسية والسورية خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية على موسكو بعد تغير المشهد السياسي في دمشق، وبحسب محللين روس، فإن الكرملين “سيحاول المماطلة قدر الإمكان”، للحفاظ على نفوذه العسكري والسياسي في سوريا، مع تجنب أي خطوة قد تُفسر على أنها تخلي عن حليف سابق.
