كشفت شبكة “سي إن إن” (CNN) الأميركية، السبت، أن مسؤولي الإدارة الأميركية ناقشوا في محادثات خاصة إمكانية ترتيب لقاء جديد بين الرئيس دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وذلك خلال الزيارة المرتقبة لترامب إلى آسيا الشهر المقبل.
وبحسب الشبكة، فإن هذه المناقشات لا تزال في مرحلة مبكرة جدًا، ولم تشهد أي خطط لوجستية ملموسة حتى الآن، إلا أن الاهتمام الشخصي للرئيس ترامب باللقاء دفع البيت الأبيض إلى إبقاء الباب مفتوحًا أمام هذا الاحتمال.

مصادر: لا اتصالات رسمية بين واشنطن وبيونغيانغ
ونقلت “سي إن إن” عن مصادر مطلعة قولها إن الإدارة الأميركية لم تبدأ بعد أي اتصالات رسمية مع كوريا الشمالية بخصوص ترتيب اللقاء، على عكس ما حدث خلال الولاية الأولى لترامب، حين كانت القنوات الخلفية بين الجانبين نشطة وأدت إلى ثلاث قمم تاريخية بين الزعيمين.
وأكد مصدران للشبكة أن ترامب حاول التواصل مع كيم جونغ أون في وقت سابق من العام الجاري، لكن بيونغيانغ تجاهلت الرسالة ولم تُبد أي رد رسمي، ورغم ذلك، أوضح المسؤولون الأميركيون أن الجهود لم تتوقف تمامًا، وأن البيت الأبيض يراقب إشارات الانفتاح القادمة من كوريا الشمالية.
رغبة شخصية من ترامب
وبحسب التقرير، فإن الرئيس دونالد ترامب أبدى علنًا وسرًا رغبته في لقاء الزعيم الكوري الشمالي مجددًا، معتبرًا أن الحوار المباشر هو السبيل الأفضل لضمان الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية وتقليل خطر التصعيد النووي.

وقال أحد المصادر لـ”سي إن إن” إن “ترامب يرى في العلاقة الشخصية مع كيم مفتاحًا لأي تقدم محتمل”، مشيرًا إلى أن الاهتمام الشخصي للرئيس بالموضوع ازداد مؤخرًا بعد لقائه بالرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في البيت الأبيض خلال شهر أغسطس الماضي.
لقاءات سابقة بين ترامب وكيم
شهدت الولاية الأولى للرئيس ترامب ثلاث لقاءات بارزة مع كيم جونغ أون:
قمة سنغافورة عام 2018، التي كانت الأولى بين رئيس أميركي وزعيم كوري شمالي في التاريخ.
قمة هانوي عام 2019، التي انتهت دون اتفاق بسبب الخلاف حول العقوبات ونزع السلاح النووي.
لقاء المنطقة المنزوعة السلاح (DMZ) بين الكوريتين، الذي جرى خلال أقل من 48 ساعة بعد تغريدة مفاجئة من ترامب دعا فيها كيم للقاء، في مشهد رمزي أثار اهتمامًا عالميًا.
وترى الشبكة أن هذه السوابق تُظهر قدرة ترامب على اتخاذ قرارات مفاجئة وسريعة في الملفات الدبلوماسية الحساسة، ما يجعل فكرة عقد لقاء جديد أقرب إلى الواقع مما تبدو عليه الآن.

إشارات إيجابية من بيونغيانغ
في المقابل، نقلت “سي إن إن” عن تصريحات حديثة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، قال فيها إنه يحتفظ بذكريات جميلة عن الرئيس ترامب، مشيرًا إلى أنه منفتح على إجراء محادثات مستقبلية مع واشنطن.
لكن كيم شدد على أن هذا الانفتاح مشروط بتخلي الولايات المتحدة عن مطلبها الأساسي بنزع السلاح النووي الكوري الشمالي، واصفًا امتلاك الأسلحة النووية بأنه مسألة وجود لحماية بلاده من “التهديدات الخطيرة” من واشنطن وسيول.
وبحسب مراقبين، فإن هذه التصريحات تمثل إشارة محسوبة لفتح باب الحوار مجددًا دون تقديم تنازلات فعلية، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي الكوري الشمالي والعزلة الدولية التي تواجهها بيونغيانغ.
الدبلوماسية الشخصية تعود للواجهة
يرى محللون تحدثوا لـ”سي إن إن” أن احتمال عودة التواصل بين ترامب وكيم يعكس نهج الرئيس الأميركي القائم على العلاقات الشخصية بدلًا من القنوات الدبلوماسية التقليدية.
ويقول المحللون إن ترامب قد يسعى من خلال هذا اللقاء إلى تعزيز صورته الدولية قبل الانتخابات المقبلة، وإحياء ما يعتبره أحد أبرز إنجازاته في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى.
لكنّ خبراء في شؤون شرق آسيا حذروا من أن أي لقاء دون اتفاق مسبق على جدول أعمال محدد قد يتحول إلى عرض رمزي دون نتائج ملموسة، كما حدث في قمة هانوي 2019 التي انتهت بخلاف علني بين الجانبين.

مستقبل الحوار الأميركي–الكوري
حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على إجراء اتصالات رسمية بين واشنطن وبيونغيانغ، لكن مسؤولي الإدارة الأميركية، وفقًا لـ”سي إن إن”، يستبعدون إغلاق الباب تمامًا أمام الحوار، خصوصًا إذا استشعر الطرفان أن اللقاء قد يخدم مصالحهما الاستراتيجية والسياسية.
ومع تزايد التوترات في شبه الجزيرة الكورية وعودة التجارب الصاروخية الكورية الشمالية، يبقى لقاء الرئيس الأمريكي وكيم المحتمل حدثًا دبلوماسيًا بارزًا قد يعيد خلط الأوراق في الملف النووي الآسيوي.
رغم غياب أي ترتيبات رسمية حتى الآن، فإن احتمال عقد لقاء بين ترامب وكيم جونغ أون يظل قائمًا مع اقتراب جولة الرئيس الأميركي الآسيوية، وبينما يرى البعض أن مثل هذا اللقاء قد يمنح دفعة جديدة للسلام في شبه الجزيرة الكورية، يعتبره آخرون مقامرة سياسية جديدة من رئيس لا يتردد في كسر الأعراف الدبلوماسية.