في إنجاز علمي غير مسبوق، أعلن علماء روس عن تطوير نظام ذكاء اصطناعي متقدم قادر على قراءة وترجمة النصوص المكتوبة بالهيروغليفية المصرية القديمة بدقة مذهلة خلال ثوانٍ معدودة.
وقد كشف عن هذا الابتكار المتحدث باسم معهد الذكاء الاصطناعي الروسي (AIRI) في تصريح لوكالة “سبوتنيك”، مؤكدًا أن المشروع يمثل نقلة نوعية في مجال فهم التراث الإنساني القديم.
وأوضح البيان الصادر عن معهد AIRI أن هذا النظام هو ثمرة تعاون علمي واسع بين المعهد، ومعهد أنظمة البرمجة التابع لأكاديمية العلوم الروسية، وجامعة العلاقات الخارجية الروسية، ضمن مشروع بحثي استمر عدة سنوات، بهدف تمكين التقنيات الحديثة من التواصل مع أقدم لغات البشرية وأكثرها رمزية وتعقيدًا.

تدريب النموذج على أضخم قاعدة بيانات مصرية قديمة
أشار البيان إلى أن النظام الذكي تم تدريبه على قاعدة بيانات ضخمة تُعرف باسم “Thesaurus Linguae Aegyptiae”، وهي أكبر وأكمل مجموعة نصوص مصرية قديمة تم جمعها وتوثيقها حتى الآن، وتشمل نصوصًا دينية، ونقوشًا جنائزية، ومخطوطات تاريخية، مصحوبة بترجماتها الحديثة إلى اللغات الأوروبية.
وبفضل هذا التدريب المتقدم، أصبح بإمكان النظام التعرّف على الرموز الهيروغليفية وتحليل تركيبها اللغوي وسياقها التاريخي بدقة تفوق قدرات النماذج السابقة، ما يفتح الباب أمام إعادة تفسير بعض النقوش التي لم تُفك رموزها بالكامل حتى اليوم.
اختبارات دقيقة بإشراف خبراء في علم المصريات
وللتأكد من كفاءة النظام ودقته، خضع الذكاء الاصطناعي لمرحلتين من الاختبارات العلمية الصارمة.
المرحلة الأولى اعتمدت على مقاييس آلية لتقييم الأداء والترجمة، بينما شارك في المرحلة الثانية خبراء متخصصون في علم المصريات من المدرسة العليا للاقتصاد في روسيا، حيث قاموا بمراجعة الترجمات يدويًا ومقارنتها بالنسخ المعروفة للنصوص القديمة.

وقد أظهرت النتائج توافقًا مرتفعًا بين مخرجات النظام والتراجم الأكاديمية المعتمدة، ما يؤكد موثوقية التقنية الجديدة ويجعلها مؤهلة للاستخدام في المشاريع البحثية والأكاديمية على نطاق واسع.
تطبيقات متعددة من المتاحف إلى التعليم والبحث العلمي
يرى العلماء أن هذا الابتكار سيترك أثرًا عميقًا في مجالات متعددة، أبرزها السياحة والتعليم.
فمن خلال دمجه في تطبيقات الهواتف الذكية بتقنيات الواقع المعزز، سيتمكن الزوار من توجيه كاميراتهم نحو النقوش الهيروغليفية في المعابد أو المتاحف ليحصلوا على ترجمة فورية، ما سيحول تجربة زيارة المواقع الأثرية إلى رحلة تفاعلية تجمع بين المعرفة والتكنولوجيا.
كما سيساعد النظام الباحثين وعلماء المصريات في فك رموز النقوش الجديدة أو المجهولة، ويدعم طلاب هذا التخصص في تعلم اللغة الهيروغليفية عبر أدوات تعليمية تفاعلية، توفر ترجمة فورية وشرحًا دلاليًا لكل رمز.
تحدي الرموز الغامضة… وذكاء اصطناعي يتخطى المستحيل
تُعد الكتابة الهيروغليفية واحدة من أكثر أنظمة الكتابة تعقيدًا في التاريخ، إذ تحتوي على مئات الرموز الفريدة التي تتشابه بصريًا بشكل كبير، ما يجعل عملية التعرف عليها وترجمتها مهمة شاقة حتى لأمهر المتخصصين.

ومع ذلك، تمكن النظام الروسي من تجاوز هذا العائق بفضل خوارزميات تعلم عميق متطورة تُمكّنه من التمييز بين الرموز المتقاربة، وتحليل النصوص وفقًا للسياق الزمني واللغوي بدقة عالية.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور إيليا ماكاروف، كبير الباحثين في معهد AIRI والمشرف على المشروع، أن “هذا النظام يمثل نتيجة تعاون متعدد التخصصات بين خبراء في الذكاء الاصطناعي وعلماء المصريات، وقد تم تقديم أول بحث علمي حوله في المؤتمر الدولي SIGGRAPH 2025”.
وأكد أن الوصول إلى هذا النظام متاح حاليًا للباحثين والمتخصصين بناءً على الطلب، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي العالمي في دراسة حضارة مصر القديمة.
اقرأ ايضًا…أبل تطلق «آيباد برو» و«ماك بوك برو» بشريحة M5 يفتحان عصر الذكاء الاصطناعي المحلي
