في تصعيد يوصف بأنه الأخطر منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، شنّ الجيش الإسرائيلي صباح الأحد سلسلة غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، استهدفت مواقع تابعة لحركة حماس، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وقال مراقبون إن هذا التطور يهدد بتقويض الجهود الأميركية الرامية إلى تثبيت اتفاق السلام الهش، وسط مساعٍ حثيثة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنع اندلاع جولة جديدة من المواجهات.

تفاصيل الهجوم الإسرائيلي في رفح
وأوضح بيان لجيش الاحتلال أن الحادث بدأ عندما خرجت مجموعة من عناصر كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس – من نفق قرب مدينة رفح، وأطلقت صاروخاً مضاداً للدروع على مركبة إسرائيلية كانت تعمل في المنطقة.
وردّت إسرائيل بشن نحو 20 غارة جوية متزامنة على مواقع قالت إنها تابعة لحماس في رفح وخان يونس وغزة المدينة، مؤكدة أنها تأتي “رداً على انتهاك خطير للهدنة”.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب: “حماس انتهكت الهدنة، وستدفع ثمناً باهظاً. لن نسمح بتهديد أمن جنودنا أو مواطنينا”.

حماس تنفي مسؤوليتها وتؤكد التزامها بالهدنة
في المقابل، نفت كتائب القسام أي علاقة لها بالحادث، مشيرة إلى أنها “ملتزمة بالكامل باتفاق وقف إطلاق النار” الموقّع برعاية أميركية ومصرية.
وجاء في بيان الحركة: “لا علم لنا بأي اشتباكات في منطقة رفح، فهي تحت السيطرة الكاملة لقوات الاحتلال، ولا يوجد أي تواصل مع المجموعات المتبقية هناك”.
تنسيق أميركي-إسرائيلي مسبق
وبحسب مصادر أميركية وإسرائيلية، فقد أبلغت تل أبيب واشنطن مسبقاً بقرارها تنفيذ الغارات، عبر مركز القيادة الأميركي المشرف على مراقبة الهدنة.
وأجرى مبعوثا الإدارة الأميركية ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر اتصالات عاجلة مع الوزير الإسرائيلي رون ديرمر ومسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية لتقييم الموقف وتنسيق الردود الدبلوماسية.

ونقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن مسؤول رفيع في إدارة ترامب قوله: “كنا نعلم أن الأمور تتجه نحو التصعيد، فكلما سمح للطرفين بالاشتباك أكثر، زاد احتمال انهيار الهدنة”.
واشنطن تحث على “رد متناسب” وتتمسك بالاتفاق
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن الولايات المتحدة حثّت تل أبيب على الرد بشكل متناسب، مؤكداً أن الهدف الأميركي هو “عزل حماس عن المشهد دون العودة إلى حرب شاملة”.
وأضاف: “لا أحد يريد العودة إلى الحرب. إسرائيل تسعى لإيصال رسالة لحماس بأن هناك عواقب لأي خرق، دون تقويض الاتفاق”.
تعتبر إدارة ترامب أن اتفاق إنهاء الحرب في غزة يمثل إنجازاً دبلوماسياً كبيراً، لكنها تدرك هشاشته الشديدة، ما دفعها إلى زيادة الرقابة على تنفيذ بنوده خلال الأسابيع المقبلة.
وقال مسؤول أميركي آخر: “الأيام الثلاثون المقبلة ستكون حاسمة. نحن من يدير ما يجري في غزة من حيث تطبيق الاتفاق ومراقبة الالتزامات الميدانية”.
وأوضح المسؤول أن الاشتباكات كانت متوقعة خلال هذه المرحلة الانتقالية، في ظل تحركات حماس لإعادة تنظيم صفوفها، وتوتر العلاقات مع تل أبيب بسبب تأخر تسليم جثث الرهائن.
اقرأ أيضًا:
تفاصيل جولة مرتقبة لـ ويتكوف بين مصر وإسرائيل وغزة لدفع تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب
زيارة مرتقبة لنائب الرئيس الأميركي إلى إسرائيل
من المقرر أن يصل نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى تل أبيب خلال الأيام المقبلة، برفقة ويتكوف وكوشنر، لمناقشة تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق السلام، والتي تشمل:

تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم.
استكمال تسليم جثث الرهائن المحتجزين في غزة.
تنظيم إدخال المساعدات الإنسانية وضمان عدم سيطرة حماس عليها.
تأسيس قوة دولية للمساعدة في حفظ الأمن داخل القطاع.
إطلاق مشروع “رفح الجديدة” كنموذج لإعمار غزة دون نفوذ حماس.
في ختام التصريحات، حذر مسؤول في الإدارة الأميركية من أن استمرار انتهاكات حماس للهدنة قد يدفع واشنطن إلى دعم إجراءات إسرائيلية محدودة لإعادة السيطرة على مناطق داخل غزة، “لتوسيع المساحات الخارجة عن سيطرة الحركة”.
وأضاف المسؤول: “ما زال الأمل قائماً، لكن أي خطأ ميداني جديد قد يعيد الجميع إلى نقطة الصفر”.
