في احتفال يليق بتاريخ رجل صنع علامة فارقة في السينما العربية، نظّم مهرجان الجونة السينمائي معرضًا خاصًا وندوة فنية بعنوان “رحلة مع الأستاذ: من عدسته إلى عوالمهم الخاصة”، احتفاءً بمرور مئة عام على ميلاد المخرج المصري العالمي يوسف شاهين.

حضر الفعالية عدد من نجوم الفن الذين تربطهم ذكريات شخصية ومهنية بالمخرج الراحل، من أبرزهم يسرا، جابي خوري، فريد بوغدير، محمود حميدة، حسين فهمي، لبلبة، إلهام شاهين، هالة صدقي، روجينا، وغيرهم.

يسرا: علّمني أن أكون صادقة حتى مع نفسي

أعربت الفنانة يسرا عن امتنانها العميق للعمل مع يوسف شاهين، واصفة التجربة بأنها “تحول فارق” في مسيرتها، قائلة: “يوسف شاهين لم يكن مجرد مخرج، بل فيلسوف وفنان وإنسان له رؤية متفردة في كل شيء، كان يؤمن أن التمثيل ليس أداءً فقط، بل صدقًا كاملًا يعيشه الفنان”.

وسردت يسرا كيف أثر شاهين في شخصيتها الفنية والإنسانية، موضحة: “في كل أفلامي معه، من حدوتة مصرية إلى إسكندرية نيويورك، كان حاضرًا بتفاصيله الدقيقة، بصرامته وإخلاصه للفن، وكان دائمًا يقول: لو الممثل مش حاسس، عمره ما هيوصل للناس“، وأضافت بتأثر شديد: “وحشني جدًا.. كان شخصًا يُحب الحياة رغم صعوبتها، ويجعلك تشعر أن الفن رسالة مش مجرد مهنة”.

مواقف لا تُنسى بين يسرا وشاهين

روت يسرا مواقف طريفة في بداية علاقتها مع شاهين، من بينها لقاؤهما الأول حين قال لها ممازحًا: “إنتي طويلة”، فردت عليه: “لأ”، فقال لها: “أنتي لمضة قوي”.

كما كشفت أنها رفضت في البداية سيناريو حدوتة مصرية لأنها لم تفهمه، ليجيبها شاهين بطريقته الخاصة: “أنتي حمارة!”

وأضافت ضاحكة: “جاء إلى بيتي بعد 3 أشهر وقال لي: لازم تعملي الدور، وطلب مني أغير لون شعري لأنه مش بيحب الأشقر”.

جابي خوري: من مهندس كهرباء إلى تلميذ في مدرسة شاهين

أما المنتج جابي خوري، فكشف عن تحوّله من مجال الهندسة إلى السينما بسبب شاهين، قائلًا: “كنت مهندس كهرباء، وجلست في مكتب يوسف شاهين 3 أشهر دون أي حديث عن الفن، فجأة قال لي: من اليوم ستعمل في السينما”.

وأشار خوري إلى أن شاهين كان دقيقًا بشكل مذهل: “في موقع التصوير، كان يعرف دور كل فرد من بين 80 شخصًا، وكان يمتلك حسًا موسيقيًا عاليًا، ويشرف على أدق التفاصيل”.

لبلبة: اللقاء الأخير كان وداعًا

تحدثت الفنانة لبلبة عن آخر لقاء جمعها بالمخرج الراحل، قائلة: “طلب لقائي فجأة وقال لي: عايزك في عمل، وكان واضحًا إنه مختلف عن كل مرة”.

وأضافت: “طلب مني حفظ السيناريو بالكامل والابتعاد عن أي التزامات فنية لمدة 6 شهور، وكان يعلم بالضبط ماذا يريد مني”.

واختتمت كلامها بكلمات مؤثرة: “آخر مرة حضني وقال لي: حاسس إنه آخر عيد ميلاد.. وعندما توفي، بكيت بشدة، قلبي كان حاسس إنه لقاؤنا الأخير”.

محمود حميدة: أنا ابن يوسف شاهين

أكد الفنان محمود حميدة، أن يوسف شاهين كان بمثابة الأب الروحي له، قائلاً: “أنا ابن يوسف شاهين.. تعلمت منه العمق والصدق في التمثيل، وهو المخرج الوحيد الذي استطاع أن يغوص في داخلي كممثل”.

حسين فهمي: علاقتنا فنية وإنسانية

من جانبه، قال الفنان حسين فهمي، إن علاقته بيوسف شاهين امتدت لسنوات طويلة، فنيًا وإنسانيًا، مضيفًا: “عملت معاه وكان إنسانًا رائعًا ومخرجًا لا مثيل له، يوسف شاهين أستاذ كبير، وتعلمت منه الكثير”.

اقرأ أيضًا:

العرض الخاص لفيلم “Father Mother Sister Brother” يشعل أجواء الجونة بحضور كيت بلانشيت

يوسف شاهين.. السينما كما يجب أن تكون

يمثل يوسف شاهين حالة استثنائية في تاريخ السينما، ليس فقط بسبب أعماله التي تجاوزت المحلية إلى العالمية، بل بسبب فكره العميق، وإنسانيته التي انعكست في كل مشهد صوّره وكل فنان عمل معه.

في مئويته، لا يزال شاهين حاضرًا بقوة، لا فقط في أرشيف السينما، بل في ذاكرة من لمسهم بشغفه، وعلّمهم أن السينما ليست “كاميرا تدور”، بل روح تُضاء.