شهدت شركة “فيراري” الإيطالية واحدة من أسوأ الأيام في تاريخها المالي، بعد أن فقدت ما يقارب 14 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد، عقب إعلانها عن خططها لإنتاج أول سيارة كهربائية بالكامل.
وتراجع سهم الشركة بنسبة 16% ليصل إجمالي القيمة السوقية إلى نحو 77 مليار دولار، في أسوأ أداء تداول تشهده الشركة منذ تأسيسها.
الانهيار المفاجئ في سعر السهم جاء مباشرة بعد كشف “فيراري” عن خطتها الخمسية الجديدة، والتي تضمنت تفاصيل نموذجها الكهربائي المرتقب “فيراري إليكتريكا”، مما أثار حالة من القلق بين المستثمرين ودوائر “وول ستريت” حول مستقبل الشركة التي طالما اشتهرت بمحركاتها القوية وصوتها المميز.

تساؤلات حول هوية العلامة التجارية ومستقبلها الكهربائي
رغم الترقب الكبير لإطلاق “إليكتريكا”، فإن فيراري لم تكشف بعد عن أي صور رسمية للسيارة الجديدة التي من المتوقع أن يتجاوز سعرها 300 ألف دولار، ما زاد من الشكوك حول قدرتها على الحفاظ على روح العلامة التجارية المعروفة بأناقتها وأصالتها الرياضية.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن تصميم السيارة الجديدة أقرب إلى طراز “بوروسانغ” الرياضي متعدد الاستخدامات (SUV) من كونه سيارة رياضية خالصة، وهو ما اعتبره البعض تحولًا قد يُفقد “فيراري” جزءًا من هويتها التي ارتبطت تاريخيًا بسيارات الأداء العالي ذات المقعدين.
وفي محاولة لطمأنة عشاق العلامة، وعد الرئيس التنفيذي للشركة، بينيديتو فيغنا، بتقنية جديدة تتيح التقاط الاهتزازات من نظام الدفع الكهربائي وتضخيمها داخل المقصورة لمحاكاة الإحساس الميكانيكي لمحركات الاحتراق التقليدية، في محاولة للحفاظ على “الإثارة السمعية والاهتزازية” التي تميز سيارات فيراري.
سيارة كهربائية بالكامل.. بخطة إنتاج محدودة واستراتيجية حذرة
تعتزم “فيراري” الكشف رسميًا عن تصميم “إليكتريكا” في ربيع العام المقبل، على أن تصل إلى الأسواق العالمية في أواخر عام 2026.
وستعتمد السيارة على منصة جديدة كليًا ونظام دفع كهربائي مبتكر، كما ستُصنع بنسبة 75% من الألومنيوم المعاد تدويره، في إطار خطة الشركة لخفض الانبعاثات وتقليل التكاليف التشغيلية. وتشمل هذه الجهود إنتاج المكونات الأساسية داخليًا، بما في ذلك البطاريات والبرمجيات.

وتعكس الخطة الخمسية للشركة تعديلًا واضحًا في استراتيجيتها المستقبلية، إذ خفّضت “فيراري” توقعاتها للإنتاج الكهربائي إلى 20% فقط من إجمالي إنتاجها بحلول عام 2030، بينما خصصت 40% للمحركات التقليدية و40% للسيارات الهجينة.
ويمثل هذا التحول تراجعًا ملحوظًا عن التوقعات التي أعلنتها عام 2022، حين توقعت أن تشكل السيارات الكهربائية بالكامل 40% من إنتاجها بحلول التاريخ نفسه.
خطط النمو المالي وتحديات السوق العالمية
رغم الانتقادات، أعلنت “فيراري” عن نيتها إطلاق أربعة طرازات جديدة سنويًا في المتوسط، مع التركيز على تنويع المنتجات وتقليص أعداد السيارات المنتجة من كل طراز لتعزيز ندرتها وقيمتها.
وعلى الصعيد المالي، تتوقع الشركة تحقيق إيرادات قدرها 8.2 مليار دولار بنهاية هذا العام، ترتفع إلى 10.4 مليار دولار بحلول عام 2030، وهي أرقام تفوق تقديراتها السابقة لكنها لا تزال أدنى من طموحات النمو طويلة الأمد التي كانت قد أعلنت عنها في سنوات سابقة.
ورغم أن هذه التوقعات تبدو واقعية من منظور الإدارة، فإن محللين في “وول ستريت” أعربوا عن خيبة أملهم. فقد وصف المحلل هارالد هندريكس الاستراتيجية الجديدة بأنها “محافظة للغاية” و”تفتقر إلى الجرأة”، مشيرًا إلى أن دخول “فيراري” عالم السيارات الكهربائية لم يرتق بعد إلى مستوى الابتكار والتميّز الذي ارتبط باسمها لعقود.
إرث من الابتكار بين الفورمولا 1 والمستقبل الكهربائي
ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها “فيراري” تجربة الكهربة. فقد بدأت الشركة منذ أكثر من 15 عامًا في تطوير أنظمة هجينة مستوحاة من تقنيات “الفورمولا 1″، تجلّت في إطلاق سيارة “La Ferrari” عام 2013، التي كانت أول نموذج هجين محدود الإنتاج يجمع بين الأداء العالي والكفاءة.

ويرى الرئيس التنفيذي فيغنا أن “إليكتريكا” تمثل خطوة جديدة في هذا المسار التطوري، مؤكدًا أنها ستجذب فئة جديدة من العملاء الذين يبحثون عن الفخامة المستدامة دون التنازل عن الأداء المذهل الذي صنع شهرة العلامة الإيطالية.
ويعتقد أن هذا التوازن بين الأصالة والابتكار سيكون المفتاح للحفاظ على مكانة “فيراري” في عصر التحول الكهربائي الذي يعيد رسم مستقبل صناعة السيارات العالمية.
اقرأ ايضًا…بأسعار تبدأ من 645 ألف جنيه… نيسان تكشف عن تشكيلتها الكاملة من السيارات في مصر لشهر أكتوبر
