أكدت باكستان، الاثنين، أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع أفغانستان سيظل قائمًا طالما التزمت حكومة كابول بكبح جماح المسلحين الذين يشنّون هجمات عبر الحدود المشتركة بين البلدين، في وقت تسعى فيه العاصمتان لاحتواء أسوأ تصعيد ميداني منذ أعوام.
إسلام آباد تربط استمرار الهدنة بقدرة طالبان على ضبط الأمن
وقال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، في تصريح لوكالة رويترز، إن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين “مرهون بقدرة حركة طالبان الأفغانية الحاكمة على منع المسلحين من تنفيذ هجمات ضد باكستان انطلاقًا من الأراضي الأفغانية”.

وأضاف آصف: “أي شيء يأتي من أفغانستان سيكون انتهاكًا لهذه الاتفاقية، وكل شيء يتوقف على هذا البند الوحيد فيها”، مشددًا على أن استمرار الهدوء على الحدود يتطلب “التزامًا صارمًا من الطرفين”.
اتفاق الدوحة يضع أسس الهدنة بعد اشتباكات دامية
وكان البلدان قد توصلا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال اجتماعات عُقدت في الدوحة، بمشاركة ممثلين من تركيا وقطر، بعد مواجهات عنيفة استمرت لأيام على طول الحدود المتنازع عليها، وأودت بحياة عشرات من الجانبين.
ويعد هذا الاتفاق أول من نوعه منذ اندلاع الاشتباكات التي تفجّرت عقب مطالبة إسلام آباد من كابول بالتحرك ضد مسلحين قالت إنهم ينفذون عمليات داخل أراضيها انطلاقًا من أفغانستان.
الحدود بين البلدين، التي تمتد لمسافة 2600 كيلومتر، تعد من أكثر المناطق توترًا في آسيا الوسطى، وتشهد بين حين وآخر اشتباكات متبادلة وضربات جوية، كان آخرها تلك التي نفذتها الطائرات الباكستانية على مواقع قرب الخط الحدودي، ما أثار توترًا واسعًا بين الجارتين.

بنود الاتفاق.. لا توغلات ولا دعم للمسلحين
وأوضح وزير الدفاع الباكستاني أن الاتفاق المكتوب الذي تم توقيعه بين إسلام آباد وكابول وتركيا وقطر، يتضمن نصًا واضحًا يمنع أي طرف من القيام بعمليات توغل داخل أراضي الآخر.
وقال آصف: “لدينا اتفاقية لوقف إطلاق النار طالما لم يحدث أي انتهاك للاتفاق الساري بالفعل”، مشيرًا إلى أن إسلام آباد تنتظر من كابول “التزامًا عمليًا” ببنود الاتفاق خلال المرحلة المقبلة.
اتهامات متبادلة بين كابول وإسلام آباد
واتهم آصف حركة طالبان باكستان (TTP) بأنها تعمل انطلاقًا من الأراضي الأفغانية “بالتواطؤ مع طالبان الأفغانية” لتنفيذ هجمات داخل الأراضي الباكستانية.
في المقابل، نفت حكومة كابول الاتهامات، مؤكدة أنها لا توفر ملاذًا لأي جماعات مسلحة تستهدف إسلام آباد، متهمة الجيش الباكستاني بنشر “معلومات مضللة” عن الوضع الأمني.
وقال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، في بيان صدر الأحد، إن الجانبين اتفقا خلال محادثات الدوحة على “عدم قيام أي من البلدين بأعمال عدائية ضد الآخر أو تقديم الدعم للجماعات التي تعمل ضد حكومة باكستان”.

خلفية الصراع وتصاعد الهجمات بعد 2021
ومنذ استعادة طالبان السلطة في كابول عام 2021، تشهد العلاقات بين الجارتين توترات متكررة، وسط اتهامات متبادلة بدعم جماعات مسلحة واحتضان عناصر متطرفة.
وتتهم إسلام آباد طالبان الأفغانية بغضّ الطرف عن أنشطة طالبان باكستان، التي كثّفت عملياتها في المناطق الحدودية خلال العامين الماضيين، ما أسفر عن مقتل العشرات من الجنود والمدنيين.
وفي المقابل، ترى كابول أن الغارات الجوية الباكستانية تمثل انتهاكًا لسيادتها، وتؤكد أنها تسعى للحفاظ على “علاقات حسن جوار” قائمة على الاحترام المتبادل.
اقرأ أيضًا:
ترامب يخطط للقاء زعيم كوريا الشمالية| تحركات سرية في واشنطن لاحتمال قمة آسيوية مرتقبة
آفاق الهدنة.. اختبار جديد للعلاقات بين البلدين
ويرى مراقبون أن اتفاق الدوحة الأخير يمثل اختبارًا حقيقيًا للعلاقات الباكستانية – الأفغانية، إذ يضع على عاتق طالبان مسؤولية مباشرة لضبط الحدود ومنع تصاعد الهجمات.
ويحذر خبراء من أن أي خرق للاتفاق سيقوّض الثقة الهشة بين الجانبين، ويعيد شبح المواجهة العسكرية مجددًا إلى المنطقة الحدودية المضطربة.
