في تصعيد دبلوماسي جديد، أكدت كندا التزامها بمذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما أدى إلى رد فعل حاد من الحكومة الإسرائيلية التي وصفت نتنياهو بـ”زعيم الدولة اليهودية الوحيدة” في الشرق الأوسط، في تأكيد على مكانته ودوره السياسي.

المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، قالت في بيان رسمي: “على كندا أن ترحب بنتنياهو، زعيم الدولة اليهودية الوحيدة، والبلد الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط، يأتي هذا الرد في أعقاب إعلان رئيس وزراء كندا، مارك كارني، عن التزام بلاده بسياسات سلفه جاستن ترودو التي تتضمن احترام مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو، والتي تهمه بارتكاب جرائم حرب عبر استخدام المجاعة كأداة في النزاع المسلح في غزة.
مذكرة اعتقال نتنياهو تُشعل خلافًا دوليًا
يعتبر هذا الموقف الكندي خطوة حاسمة ومثيرة للجدل، خاصة في ظل التوترات المستمرة في الشرق الأوسط، حيث يتهم نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” خلال الحرب على غزة في عام 2024، وأوضح كارني أن الالتزام بمذكرة الاعتقال لا يتعارض مع دعوات كندا المتكررة لوقف إطلاق النار وتحقيق حل الدولتين، لكنه يُعتبر ضروريًا للحفاظ على مصداقية كندا على الساحة الدولية.

وأشار كارني إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نتنياهو سعت بشكل صريح إلى “القضاء على أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية”، وهو ما يعد انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة ويسيء إلى سياسة كندا المستمرة منذ عام 1947، بغض النظر عن تغير الحكومات والاتجاهات السياسية في كندا، وأضاف أن هذا الموقف يعكس قلق كندا العميق من تراجع فرص السلام في المنطقة بدلاً من تقدمها.
يأتي موقف كندا في وقت تتباين فيه المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية، حيث اعترفت كندا بدولة فلسطين، ما جعلها في موقف متعارض مع الولايات المتحدة التي لم تقدم اعترافًا رسميًا بذلك. ومع ذلك، انضمت كندا إلى دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة في الأمم المتحدة التي تعترف بدولة فلسطين، وهو ما اعتبره مايكل بيوكيرت، القائم بأعمال رئيس منظمة “الكنديين من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط”، “أقل ما يمكن أن تفعله كندا لدعم السلام والعدالة في المنطقة”.
تهديدات دبلوماسية متبادلة
يرى مراقبون أن هذا التحرك الكندي سيؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين كندا وإسرائيل، وربما ينعكس على التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. كما قد يزيد الضغط الدولي على إسرائيل لمراجعة سياساتها تجاه الفلسطينيين وفتح الباب أمام مفاوضات جادة نحو حل الدولتين.

على الجانب الآخر، ترفض الحكومة الإسرائيلية بشدة هذا القرار، معتبرة أنه تدخل غير مبرر في شؤونها الداخلية ومحاولة لتشويه صورة دولة إسرائيل على الساحة العالمية. ورغم ذلك، يبدو أن الدعم الدولي لمواقف المحكمة الجنائية الدولية في هذا الملف يتزايد، مع تزايد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب وتعزيز العدالة الدولية.
اقرأ أيضا.. لغز يحتاح حلاً.. هل استعانت باريس بالموساد لاستعادة كنوز اللوفر؟
