قدّرت إدارة متحف اللوفر في باريس حجم الأضرار الناجمة عن سرقة مجوهرات التاج الفرنسي التي وقعت الأحد الماضي، بـ88 مليون يورو، في واحدة من أخطر عمليات السطو الفني في أوروبا خلال العقد الأخير، وفق ما أعلنت المدعية العامة للعاصمة الفرنسية لور بيكو، الثلاثاء.
سرقة متحف اللوفر.. أضرار هائلة وقيمة تاريخية لا تُقدّر بثمن
وقالت بيكو في تصريحات لمحطة “RTL” الفرنسية إن “أمينة متحف اللوفر قدرت الأضرار بـ88 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم للغاية”، لكنها شددت على أن “القيمة المالية لا تذكر أمام الضرر التاريخي والثقافي الذي لحق بالتراث الفرنسي”.
وأضافت أن “اللصوص لن يتمكنوا من جني هذه القيمة أبدًا، حتى لو أقدموا على فكرة سيئة تتمثل في صهر الجواهر لبيعها في السوق السوداء”.

مجوهرات بلا تأمين: خسارة لا تُعوَّض للدولة الفرنسية
وفي تطور لافت، أكدت وزارة الثقافة الفرنسية أن المجوهرات المسروقة لم تكن مغطاة بأي تأمين خاص، ما يعني أن الدولة لن تحصل على أي تعويض مالي مقابل خسارة تلك القطع التاريخية.
وقالت الوزارة في بيان نقلته صحيفة “لوباريزيان” إن “الدولة تعمل كضامن لنفسها عندما تُعرض القطع في مكانها الطبيعي داخل المتاحف الوطنية”، مشيرة إلى أن تكاليف التأمين مرتفعة جدًا حتى مع انخفاض احتمالات السرقة.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة أن المتاحف الفرنسية تلجأ للتأمين فقط في حال نقل المعروضات أو إعارتها لمتاحف أخرى، مضيفًا أن “قيمة التأمين في بعض الأحيان تتجاوز قيمة العمل الفني نفسه”.
وبحسب تشارلي هورال، وسيط التأمين المتخصص في الفنون الجميلة، فإن تأمين جميع التحف في متحف اللوفر يعد أمرًا شبه مستحيل بسبب حجمها وقيمتها الفائقة، وفق ما نقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
تفاصيل عملية السطو: خطة دقيقة وتنفيذ احترافي
وقع الحادث صباح الأحد عندما تمكن أشخاص ملثمون من تنفيذ عملية سطو جريئة على قاعة أبولون في متحف اللوفر، وهي القاعة التي تضم مجوهرات التاج الفرنسي.

واستخدم اللصوص شاحنة مجهزة برافعة تم ركنها على رصيف نهر السين، وصعدوا عبرها إلى نافذة الطابق الأول، حيث استخدموا أداة قص محمولة لتحطيم الزجاج والدخول إلى القاعة.
داخل القاعة، تمكن الجناة من تهشيم واجهتين زجاجيتين مضادتين للرصاص تحتويان على قطع مجوهرات ملكية نادرة، ثم لاذوا بالفرار في غضون دقائق قليلة.
القطع المسروقة
شملت المسروقات:
تاج وعقد من طقم الملكة ماري أميلي.
عقد من الزمرد يعود للإمبراطورة ماري لويز.
بروش نادر وتاج ضخم وعقد صدر للإمبراطورة أوجيني.
ووفق المصادر، ترك اللصوص تاج أوجيني في مكانه أثناء فرارهم، ويخضع حاليًا لفحص فني من وزارة الثقافة لتقييم الأضرار التي لحقت به.

تعبئة أمنية واسعة وتحقيقات مكثفة
أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية عن تعبئة أكثر من 60 محققًا من فرقة مكافحة الجريمة المنظمة والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالقطع الثقافية لتعقب الجناة واستعادة المجوهرات قبل تهريبها أو تفكيكها.
وقالت المدعية العامة لور بيكو إن التحقيق يركز على فرضيتين رئيسيتين:
أن السرقة نُفذت بتكليف من جهة راعية أو تجار تحف.
أن الهدف منها تفكيك الجواهر وبيع الأحجار الثمينة ضمن عمليات تبييض أموال عبر السوق السوداء.
اقرأ أيضًا:
من مجوهرات نابليون إلى الموناليزا| سرقات فنية خلدها التاريخ وأعمال لا تزال مفقودة
بيع المسروقات مستحيل… لكنها مهددة بالتدمير
أكد ألكسندر جيكيلو، رئيس دار دروو للمزادات في باريس، أن بيع هذه المجوهرات “بحالتها الأصلية شبه مستحيل”، موضحًا أن القطع “موثقة ومصورة ومعروفة عالميًا، وأي محاولة لبيعها ستكشف فورًا”.
وأضاف جيكيلو أن الأحجار الكريمة نفسها تحمل خصائص دقيقة يمكن تتبعها، مثل مصدر الاستخراج وتاريخ القطع، ما يجعل تسويقها خطرًا كبيرًا على العصابات. لكنه حذر من أن “اللصوص قد يلجأون إلى تفكيك وتذويب الجواهر لطمس هويتها الأصلية”.

سرقة تهز فرنسا وتعيد الجدل حول أمن المتاحف
أثارت الحادثة صدى واسعًا في فرنسا والعالم، وأعادت التساؤلات حول فعالية إجراءات الأمن في المتاحف الكبرى.
ويُعد متحف اللوفر أحد أهم رموز التراث العالمي، ويضم آلاف القطع الفنية، من بينها لوحة الموناليزا وتحف من عصور الملوك الفرنسيين.
ويحذر خبراء من أن عمليات السرقة الفنية المنظمة أصبحت أكثر تطورًا، مستفيدين من الثغرات الأمنية والتكنولوجيا الحديثة، مما يتطلب مراجعة شاملة لإجراءات الحماية في المؤسسات الثقافية.
