أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إقرار الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات ضد روسيا، في إطار الجهود المستمرة للضغط على موسكو بسبب استمرار عمليتها العسكرية في أوكرانيا. وتمثل هذه الخطوة تصعيدًا جديدًا في المواجهة الاقتصادية بين الجانبين، وتأتي بعد مفاوضات مطوّلة بين الدول الأعضاء، انتهت بتخلي سلوفاكيا عن اعتراضها الأخير، مما مهد لاعتماد الحزمة رسميًا.

حظر على الغاز الطبيعي المسال الروسي للمرة الأولى
تشمل الحزمة الجديدة ولأول مرة فرض حظر جزئي على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، وهي خطوة كانت الدول الأوروبية تتجنّبها في السابق نظرًا لاعتماد عدد منها على هذا النوع من الطاقة، خاصة في فترات الشتاء.
اقرأ أيضًا
البيت الأبيض: ترامب لم يتخذ قرارًا نهائيًا بشأن لقاء الرئيس الروسي
ويهدف هذا القرار إلى تقليص عوائد روسيا من صادرات الطاقة، التي تمثل مصدرًا رئيسيًا لتمويل حربها في أوكرانيا، في وقت تسعى فيه أوروبا لتقليل اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية وتنويع بدائلها من الأسواق العالمية.
قيود مالية صارمة على البنوك الروسية
تضم الحزمة الجديدة كذلك قيودًا إضافية على التعاملات المالية والمصرفية الروسية، وتشمل حظرًا على التعاون مع بعض البنوك الروسية العاملة داخل وخارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مؤسسات مالية تنشط في دول ثالثة.

كما فرضت بروكسل عقوبات على منصات لتداول العملات المشفّرة يُعتقد أنها تُستخدم للتحايل على القيود الغربية، في محاولة لسد الثغرات التي لجأت إليها موسكو للحفاظ على تدفق أموالها في الأسواق العالمية.
تضييق الخناق على التحركات الدبلوماسية الروسية
على الصعيد السياسي، أدرجت الحزمة بندًا جديدًا يقيّد حركة الدبلوماسيين الروس داخل دول الاتحاد الأوروبي، في إجراء يهدف إلى الحد من النشاط الدبلوماسي الذي ترى بروكسل أنه يُستغل لتعزيز النفوذ الروسي في أوروبا.
وتعدّ هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع لتقليص قنوات التواصل الرسمية وغير الرسمية بين موسكو والعواصم الأوروبية، في ظل استمرار الخلافات بشأن مستقبل الحرب والعلاقات الأمنية في القارة.
استهداف كيانات خارج روسيا
ولم تقتصر العقوبات الجديدة على المؤسسات الروسية فحسب، إذ شملت أيضًا شركات وكيانات في دول مثل الهند والصين، تتهمها بروكسل بتقديم دعم غير مباشر للمجهود الحربي الروسي عبر تزويدها بتكنولوجيا أو مكونات تدخل في الصناعات العسكرية.
ويرى مراقبون أن هذا التوسّع في نطاق العقوبات يعكس تحوّل الاتحاد الأوروبي نحو استراتيجية أكثر شمولًا تهدف إلى تجفيف مصادر الدعم الخارجي لموسكو، حتى وإن كان ذلك يعني الاحتكاك باقتصادات كبرى في آسيا.
استمرار نهج العقوبات منذ 2022
تأتي هذه الإجراءات في سياق سلسلة طويلة من العقوبات التي بدأ الاتحاد الأوروبي فرضها منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022.
وشملت العقوبات السابقة قطاعات النفط والفحم والنقل والقطاع المالي، إلى جانب تجميد أصول المصرف المركزي الروسي ومنع مؤسسات مالية روسية من استخدام نظام “سويفت” للتحويلات المصرفية الدولية، بالإضافة إلى إغلاق الأجواء الأوروبية أمام الطائرات الروسية.
ورغم هذه القيود الواسعة، ظل الغاز الطبيعي المسال حتى الآن خارج نطاق العقوبات، بسبب الحاجة الأوروبية الملحّة لمصادر الطاقة، غير أن الظروف السياسية المتصاعدة دفعت الاتحاد هذه المرة إلى تجاوز هذا الحاجز.
رسالة أوروبية: لا تراجع عن الضغط
وباعتماد الحزمة التاسعة عشرة، يؤكد الاتحاد الأوروبي عزمه على مواصلة الضغط على موسكو سياسيًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا، إلى أن تتوقف الحرب في أوكرانيا.
وتشير تصريحات مسؤولين أوروبيين إلى أن مزيدًا من الحزم قد تكون قيد الإعداد مستقبلًا، في حال استمرار التصعيد الميداني أو محاولات روسيا الالتفاف على القيود الحالية.
